بالحق مع كراهتهم له ، كما أخرجك من بيتك بالحق مع كراهة فريق منهم له ، فللجميع حق يترتب عليه من مصلحة دينهم ودنياهم ما هم غافلون عنه» (١). وهذا الوجه معقول ، ولكنه غير ظاهر من الكلام بطريقة واضحة. أما كلمة «بالحق» ، فقد توحي لنا بالهدف الذي كان يحكم التحرك النبوي في اتجاه القافلة القرشية ، فقد كان بأمر الله لا برأي شخصيّ للنبيّ. وإذا كانت المسألة كذلك ، فإن الله لا يأمر إلا بالحركة المرتكزة على أساس الحق في ما تمثله الكلمة من الارتباط بالهدف الكبير من قوة الإسلام وانتشار أمره وثبات مواقعه.
* * *
بعض المؤمنين يكرهون الخروج
(وَإِنَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكارِهُونَ) لهذا الخروج ، نتيجة تجمّع عناصر الضعف الإنساني لديهم ، كحبّ الراحة ، وحبّ الحياة ، والخوف من النتائج السلبية ... مما يبعدهم عن معنى الإيمان الذي يفرض عليهم الالتزام بأمر الله ونهيه. (يُجادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ ما تَبَيَّنَ) فقد كان الموقف محرجا بالنسبة إليهم ، فها هو النبي يتأهّب للخروج عازما على تنفيذ المهمة الموكولة إليه ، مهما كلّفه ذلك من تضحيات ومصاعب ، لأن القضية واضحة لديه في ما يترتب عليها من نتائج إيجابية لمصلحة الإسلام والمسلمين ، الأمر الذي يحقق للساحة الثبات والصلابة والقوة ... فما ذا يفعلون؟ هل يتمردون على أمره؟ وهذا غير ممكن ، لأنه يؤدي بهم إلى الابتعاد عن خط الطاعة والانقياد الذي التزموا بالسير عليه في إيمانهم بالإسلام ، وبيعتهم للرسول. إذا لا بد من الدخول في جدال طويل مرير مع الرسول ، ليثبتوا له خطأ التصور لنتائج الإيجابية ، ولينقلوا إليه
__________________
(١) تفسير الميزان ، ج : ٩ ، ص : ١٣.