كيف واجه المسلمون الدعوة إلى معركة بدر؟
في هذه الآيات عرض للأجواء النفسية التي كانت تسود الواقع الإسلامي ، عند ما انطلقت دعوة النبي محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى الخروج معه من أجل مواجهة قريش بالضغط الاقتصادي ، وذلك بالتعرّض للقافلة التجارية التي كان يقودها أبو سفيان ، لمصادرتها والاستيلاء عليها ، ومنع قريش من حرية التحرك في الطريق التجاري بين مكة والشام ، كوسيلة من وسائل إضعافها ، وكنوع من استعراض القوّة الإسلاميّة في منطقة تتميّز بعدم الخضوع إلا للقوّة ... وقد كانت هذه الفرصة الوحيدة آنذاك للمواجهة بطريقة غير مباشرة ، لأنّ في ذلك تحديا بالقوة للهيمنة القرشية على المنطقة التي كانت تتحرك من أجل السيطرة على الإسلام. وقد تثاقل فريق من المؤمنين ، في الاستجابة لنداء النبيّ ودعوته ، وكرهوا الخروج معه ، لأنهم كانوا لا يزالون يهابون القوة القرشية ، ويخافون مواجهتها. وربما كانوا يعتقدون أن الوقت لا يزال مبكرا للدخول في معركة عسكرية مع قريش ، لأن المسلمين لم يكونوا قد استجمعوا قوتهم بالمستوى الذي يمكنهم من الانتصار ، أو يضمن لهم عدم الهزيمة ـ على الأقل ـ الأمر الذي يجعل من هذه العملية ، شيئا يشبه العملية الانتحارية. وهذا ما توحي به هذه الآيات.
* * *
الخروج إلى قافلة قريش بأمر الله تعالى
(كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِ) ربما كان موقع التشبيه ـ بالكاف ـ على أساس التعلّق بما يدل عليه قوله تعالى : (قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ) ، والتقدير ـ كما يقول صاحب تفسير الميزان ـ «أنّ الله حكم بكون الأنفال له ولرسوله