لأننا نعتقد أن ما يصوره القرآن يمثل الصورة الحقيقية للمفاهيم وللشخصيات بوجهها العام ، بحيث تخضع كل التفاصيل لملامح تلك الصورة ... ولو كان هناك شيء من الأسرار الذاتية الخفيّة ، في ما يدخل في نطاق الخط الفكري للعقيدة ، لبيّنه القرآن في ما يريد لنا اعتقاده ، أو لبيّن الصورة المخالفة أو التي توحي بالمخالفة ... إننا نعتبر القرآن مقياسا لصحة الأحاديث وفسادها ، لأنه الكتاب الذي (لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ) [فصلت : ٤٢] ، «وكلّ حديث لا يوافق كتاب الله فهو زخرف» (١).
وقد نحتاج إلى إثارة فكرة في هذا المجال ، وهي أن علينا في ما لم نكلّف بعلمه أو بالاعتقاد به ـ من تفاصيل شخصية النبي أو الإمام ـ أن لا نفيض كثيرا فيه ، لأنه يتحول إلى نوع من الترف الفكري ، وربما يقودنا إلى بعض الانحرافات أو الخلافات الجدلية التي لا ضرورة لها.
إننا نعتقد أن عظمة النبي تكمن في أنه يجسّد شخصية رسالته في شخصيته أصدق تجسيد ، وبذلك يبلغ الذروة في الكمال ، لأن الرسالة هي قمّة الكمال الإنساني في مستوى قدرة الإنسان على الكمال ، وليس هناك شيء ـ في ما نعلم ـ خارج نطاق الخط الرسالي للحياة وللإنسان.
* * *
__________________
(١) الكافي ، ج : ١ ، ص : ٦٩ ، رواية : ٣.