(وَالدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ) ويلتزمون بعهد الله وميثاقه ، ويعملون بكتابه. (أَفَلا تَعْقِلُونَ) وتفكرون في النتائج السلبية والإيجابية على مستوى الدنيا والآخرة ، فإنكم لو انطلقتم مع العقل في موازينه ومقاييسه ، لاستطعتم اكتشاف كثير من السلبيات في ما تعملون ، وكثير من الإيجابيات في ما ينبغي أن تعملوه مما تركتموه وراء ظهوركم. وذلك هو نموذج هؤلاء الذين أضاعوا الكتاب. (وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتابِ وَأَقامُوا الصَّلاةَ) وهم الذين يحوّلون مفاهيمه إلى عقيدة وحركة حياة ، ويقيمون الصلاة كتعبير عن عبوديتهم لله وخضوعهم له ، فإنّ الله سيجزيهم أفضل جزاء المحسنين المصلحين في الدنيا والآخرة. (إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ) الذين انطلقوا في الحياة من موقع الصلاح والإصلاح في حياة أنفسهم وفي حياة الآخرين.
* * *
الله يرفع الجبل فوق اليهود كالغمام
(* وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ) ، أي قلعناه ورفعناه فوقهم تماما كما لو كان غماما يظلّهم. (وَظَنُّوا أَنَّهُ واقِعٌ بِهِمْ) ، لأنهم لم يجدوا شيئا يمسكه ويمنعه من الوقوع عليهم ، ولكنها قدرة الله التي لم ينتبهوا إليها. وتلك هي المعجزة التي جمعت جانب التخويف إلى جانب إظهار عظمة الله وسرّ قدرته ، من أجل أن يأخذوا الكتاب في عقيدته وشريعته بقوّة الالتزام والممارسة والدعوة ... (خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا ما فِيهِ) من هداية وخير وصلاح ، ولا تضعفوا أمام التحديات الصعبة التي تواجهكم من قبل الأعداء ، (لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) في ما تنطلق به القوّة من جهة والوعي من جهة أخرى ، من موقف التقوى الذي يدفع الإنسان إلى اللقاء بالله على أساس متين.
* * *