أوردنا عن المفردات يعلّق بقوله : «وإنما كان ما قدمناه أوضح ممّا ذكره ، لصعوبة إرجاع ما ذكره من المعاني إلى أصل واحد هو معنى المادّة» (١).
وقد جاء في الحديث المأثور عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ بطرق الشيعة والسنّة ـ حيث يقول : «ما من أحد إلا وله منزل في الجنة ومنزل في النار ، فأما الكافر فيرث المؤمن منزله من النار ، والمؤمن يرث الكافر منزله من الجنة ، فذلك قوله : (أُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)» (٢).
ونلاحظ على ما ذكره العلّامة الطباطبائي بالحديث عن مناسبة التعبير بالإرث عن الجنّة التي ورثها المؤمنون ، بأنها «معروضة لأن يكسبها بالعمل المؤمن والكافر جميعا ، غير أن الكافر زال عنها بشركه ومعاصيه فتركها فبقيت للمؤمن ، فهو الوارث لها بعمله» ، إن ما ذكره من تعريف الإرث بأنه «مال أو نحوه مما ينتفع به وهو في معرض انتفاع شخص ثم زال عنه الشخص فبقي لغيره» ليس عليه دليل من اللغة ، لأن الظاهر من معناه أن يكون المال مملوكا للشخص أو مختصا به ، فينتقل إلى غيره ، فليس الانتفاع به ملحوظا إلا من حيث تعيّنه للملك.
أمّا صعوبة إرجاع ما ذكره الراغب من المعاني إلى أصل واحد ، وهو المادة ، فقد يكفي في ذلك في المناسبة أن تكون شبيهة بالإرث باعتبار أنه خوّل له شيء يهنأ به ، سواء كان ذلك نتيجة عمله أو كان ذلك بالتفضل عليه به ، ولعل ذلك هو معنى الرواية ، لأن ظاهرها ليس مرادا من حيث فعلية اختصاص المؤمن بمنزل في النار ليرثه الكافر ، واختصاص الكافر بمنزل في
__________________
(١) تفسير الميزان ، ج : ٨ ، ص : ١١٩.
(٢) انظر : تفسير نور الثقلين ، ج : ٢ ، ص : ٣١ ، وتفسير القرطبي ، دار الفكر ، ١٤١٥ ه ـ ١٩٩٥ م ، ج : ٤ ، ص : ١٨٨ ، وتفسير الأمثل ، مؤسسة البعثة ، ط : ١ ، ١٤١٣ ه ـ ١٩٩٢ م ، ج : ٥ ، ص : ٤٧.