ما ذكر مفصلا. (وَصَّاكُمْ بِهِ) بحفظه. (لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) ترشدون فإن كمال العقل هو الرشد.
(وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزانَ بِالْقِسْطِ لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَها وَإِذا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى وَبِعَهْدِ اللهِ أَوْفُوا ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)(١٥٢)
(وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) أي بالفعلة التي هي أحسن ما يفعل بماله كحفظه وتثميره. (حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ) حتى يصير بالغا ، وهو جمع شدة كنعمة وأنعم أو شد كصر وأصر وقيل مفرد كأنك. (وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزانَ بِالْقِسْطِ) بالعدل والتسوية. (لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها) إلا ما يسعها ولا يعسر عليها ، وذكره عقيب الأمر معناه أن إيفاء الحق عسر عليكم فعليكم بما في وسعكم وما وراءه معفو عنكم. (وَإِذا قُلْتُمْ) في حكومة ونحوها. (فَاعْدِلُوا) فيه. (وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى) ولو كان المقول له أو عليه من ذوي قرابتكم. (وَبِعَهْدِ اللهِ أَوْفُوا) يعني ما عهد إليكم من ملازمة العدل وتأدية أحكام الشرع. (ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) تتعظون به ، وقرأ حمزة وحفص والكسائي (تَذَكَّرُونَ) بتخفيف الذال حيث وقع إذا كان بالتاء والباقون بتشديدها.
(وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)(١٥٣)
(وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً) الإشارة فيه إلى ما ذكر في السورة فإنها بأسرها في إثبات التوحيد والنبوة وبيان الشريعة. وقرأ حمزة والكسائي إن بالكسر على الاستئناف ، وابن عامر ويعقوب بالفتح والتخفيف. وقرأ الباقون بها مشددة بتقدير اللام على أنه علة لقوله. (فَاتَّبِعُوهُ) وقرأ ابن عامر (صِراطِي) بفتح الياء ، وقرئ «وهذا صراطي» «وهذا صراط ربكم» «وهذا صراط ربك». (وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ) الأديان المختلفة أو الطرق التابعة للهوى ، فإن مقتضى الحجة واحد ومقتضى الهوى متعدد لاختلاف الطبائع والعادات. (فَتَفَرَّقَ بِكُمْ) فتفرقكم وتزيلكم. (عَنْ سَبِيلِهِ) الذي هو اتباع الوحي واقتفاء البرهان. (ذلِكُمْ) الاتباع. (وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) الضلال والتفرق عن الحق.
(ثُمَّ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ تَماماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ)(١٥٤)
(ثُمَّ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ) عطف على (وَصَّاكُمْ) ، وثم للتراخي في الإخبار أو للتفاوت في الرتبة كأنه قيل : ذلكم وصاكم به قديما وحديثا ثم أعظم من ذلك انا (آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ). (تَماماً) للكرامة والنعمة. (عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ) على كل من أحسن القيام به ، ويؤيده إن قرئ «على الذين أحسنوا» أو «على الذي أحسن تبليغه» وهو موسى عليه أفضل الصلاة والسلام ، أو «تماما على ما أحسنه» أي أجاده من العلم والتشريع أي زيادة على علمه إتماما له. وقرئ بالرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف أي «على الذي هو أحسن» أو على الوجه الذي هو أحسن ما يكون عليه الكتب. (وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ) وبيانا مفصلا لكل ما يحتاج إليه في الدين ، وهو عطف على تمام ونصبهما يحتمل العلة والحال والمصدر. (وَهُدىً وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ) لعل بني إسرائيل. (بِلِقاءِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ) أي بلقائه للجزاء.
(وَهذا كِتابٌ أَنْزَلْناهُ مُبارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (١٥٥) أَنْ تَقُولُوا إِنَّما أُنْزِلَ الْكِتابُ عَلى