الطريقة. (لا إِلى هؤُلاءِ وَلا إِلى هؤُلاءِ) لا منسوبين إلى المؤمنين ولا إلى الكافرين ، أو لا صائرين إلى أحد الفريقين بالكلية. (وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً) إلى الحق والصواب ، ونظيره قوله تعالى : (وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللهُ لَهُ نُوراً فَما لَهُ مِنْ نُورٍ).
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطاناً مُبِيناً)(١٤٤)
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ) فإنه صنيع المنافقين وديدنهم فلا تتشبهوا بهم ، (أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطاناً مُبِيناً) حجة بينة فإن موالاتهم دليل على النفاق أو سلطانا يسلط عليكم عقابه.
(إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً (١٤٥) إِلاَّ الَّذِينَ تابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْراً عَظِيماً)(١٤٦)
(إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ) وهو الطبقة التي في قعر جهنم ، وإنما كان كذلك لأنهم أخبث الكفرة إذ ضموا إلى الكفر استهزاء بالإسلام وخداعا للمسلمين ، وأما قوله عليه الصلاة والسلام «ثلاث من كن فيه فهو منافق وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم : «من إذا حدث كذب ، وإذا وعد أخلف ، وإذا ائتمن خان» ونحوه فمن باب التشبيه والتغليظ ، وإنما سميت طبقاتها السبع دركات لأنها متداركة متتابعة بعضها فوق بعض. وقرأ الكوفيون بسكون الراء وهي لغة كالسطر والسطر والتحريك أوجه لأنه يجمع على إدراك. (وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً) يخرجهم منه.
(إِلَّا الَّذِينَ تابُوا) عن النفاق. (وَأَصْلَحُوا) ما أفسدوا من أسرارهم وأحوالهم في حال النفاق. (وَاعْتَصَمُوا بِاللهِ) وثقوا به أو تمسكوا بدينه. (وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ) لا يريدون بطاعتهم إلا وجهه سبحانه وتعالى. (فَأُولئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ) ومن عدادهم في الدارين. (وَسَوْفَ يُؤْتِ اللهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْراً عَظِيماً) فيساهمونهم فيه.
(ما يَفْعَلُ اللهُ بِعَذابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكانَ اللهُ شاكِراً عَلِيماً)(١٤٧)
(ما يَفْعَلُ اللهُ بِعَذابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ) أيتشفى به غيظا أو يدفع به ضررا أو يستجلب به نفعا وهو الغني المتعالي عن النفع والضر ، وإنما يعاقب المصر بكفره لأن إصراره عليه كسوء مزاج يؤدي إلى مرض فإذا أزاله بالإيمان والشكر. ونفى نفسه عنه. تخلص من تبعته ، وإنما قدم الشكر لأن الناظر يدرك النعمة أولا فيشكر شكرا مبهما ، ثم يمعن النظر حتى يعرف المنعم فيؤمن به. (وَكانَ اللهُ شاكِراً) مثيبا يقبل اليسير ويعطي الجزيل. (عَلِيماً) بحق شكركم وإيمانكم.
(لا يُحِبُّ اللهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَنْ ظُلِمَ وَكانَ اللهُ سَمِيعاً عَلِيماً (١٤٨) إِنْ تُبْدُوا خَيْراً أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللهَ كانَ عَفُوًّا قَدِيراً)(١٤٩)
(لا يُحِبُّ اللهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ) إلا جهر من ظلم بالدعاء على الظالم والتظلم منه. وروي أن رجلا ضاف قوما فلم يطعموه فاشتكاهم فعوتب عليه. فنزلت وقرئ من ظلم على البناء للفاعل فيكون الاستثناء منقطعا أي ولكن الظالم يفعل ما لا يحبه الله. (وَكانَ اللهُ سَمِيعاً) لكلام المظلوم. (عَلِيماً) بالظالم.