الفصل الحادي عشر
في علمه تعالى
قد تحقّق فيما تقدّم (١) أنّ لكلّ مجرّد علما بذاته ، لحضور ذاته المجرّدة عن المادّة لذاته ، وليس العلم إلّا حضور شيء لشيء ، والواجب تعالى منزّه عن المادّة والقوّة ، فذاته معلومة لذاته (٢).
وقد تقدّم أيضا (٣) أنّ ذاته المتعالية حقيقة الوجود الصرف البسيط الواحد بالوحدة الحقّة الّذي لا يداخله نقص ولا عدم ، فلا كمال وجوديّا في تفاصيل الخلقة بنظامها الوجوديّ إلّا وهي واجدة له بنحو أعلى وأشرف ، غير متميّز بعضها (٤) من بعض لمكان الصرافة والبساطة ، فما سواه من شيء فهو معلوم له
__________________
(١) في الفصل الأوّل والفصل الحادي عشر من المرحلة الحادية عشرة.
(٢) هذا البرهان مركّب من قياسين مترتّبين :
ألف) الواجب تعالى منزّه عن المادّة والقوّة ، وكلّ ما كان منزّها منهما مجرّد ، فالواجب تعالى مجرّد.
ب) ثمّ يجعل النتيجة صغرى قياس آخر ويقال : الواجب تعالى مجرّد ، وكلّ مجرّد عالم بذاته ، فالواجب تعالى عالم بذاته وذاته معلومة لذاته.
(٣) في الفصل الرابع من المرحلة الرابعة ، والفصل الرابع من هذه المرحلة.
(٤) أي : بعض الكمالات الوجوديّة.