الفصل السابع
في أنّ الواجب بالذات لا مشارك له في
شيء من المفاهيم من حيث المصداق (١)
المشاركة بين شيئين أو أزيد (٢) إنّما تتمّ فيما إذا كانا متغايرين متمايزين ، وكان هناك مفهوم واحد يتّصفان به ، كزيد وعمرو المتّحدين في الإنسانيّة ، والإنسان والفرس المتّحدين في الحيوانيّة ، فهي وحدة في كثرة. ولا تتحقّق الكثرة إلّا بآحاد متغايرة متمايزة ، كلّ منها مشتمل على ما يسلب به عنه غيره من الآحاد.
__________________
(١) وعنوان الفصل في الأسفار هكذا : «انّ واجب الوجود لا مشارك له في أيّ مفهوم كان». فزاد المصنّف رحمهالله هنا قيد «من حيث المصداق». ولعلّ الوجه في ذلك أنّ المفاهيم الّتي يحمل على الواجب على قسمين : إمّا يحمل عليه ولا يحمل على غيره ، كالخالقيّة والرازقيّة وغيرهما من الصفات المختصّة به ، فهي مفاهيم لا يشاركه غيره فيها. وإمّا يحمل عليه وعلى غيره بالاشتراك المعنويّ ، كالوجود والعلم ـ بناء على كونه حضوريّا مطلقا ـ وغيرهما ، فهي وإن كانت مفاهيم مشتركة بين الواجب والممكن إلّا أنّ الممكنات تختلف عن الواجب من حيث المصداق ، فإنّ الوجود الّذي مصداق الواجب هو الوجود الصرف الواجبيّ اللامتناهي ، والوجود الّذي مصداق الممكن هو الوجود المحدود المشوب بالعدم ، وبينهما بون بعيد.
والحاصل : أنّ المراد من العنوان المذكور أنّه لا مفهوم يشارك فيه الواجب الممكن مفهوما أو مصداقا ، بل كلّ مفهوم إمّا يحمل عليه ولا يحمل على غيره فلا مشاركة مفهوما ، وإمّا يحمل عليهما ولكن يختلفان مصداقا. ومع ذلك كلّه لا يخلو العنوان عن ابهام.
(٢) وفي النسخ : «وأزيد» والصحيح ما أثبتناه.