الفصل الثامن
في الحدوث والقدم الدهريّين
الحدوث الدهريّ كون الماهيّة الموجودة المعلولة مسبوقة بعدمها المتقرّر في مرتبة علّتها ، بما أنّها (١) ينتزع عدمها بحدّها عن علّتها (٢) ، وإن كانت علّتها واجدة لكمال وجودها بنحو أعلى وأشرف ، فعلّتها قبلها (٣) قبليّة لا تجامع بعديّة المعلول ، بما أنّ عدم الشيء لا يجامع وجوده (٤). والقدم الدهريّ كون العلّة غير مسبوقة
__________________
(١) أي : الماهيّة الموجودة المعلولة.
(٢) أي : عن وجود علّتها في المرتبة السابقة.
(٣) وفي النسخ : «فعلّيّتها» والصحيح ما أثبتناه.
(٤) والمصنّف رحمهالله عرّف الحدوث الدهريّ ـ في بداية الحكمة : ١٤٨ ـ ببيان أوضح ، فقال : «هو مسبوقيّة وجود مرتبة من مراتب الوجود بعدمه المتقرّر في مرتبة هي فوقها في السلسلة الطوليّة ، وهو عدم غير مجامع ، لكنّه غير زمانيّ».
وقد مرّ أنّ الحدوث والقدم الدهريّين ممّا زادهما السيّد المحقّق الداماد في القبسات : ١٧.
وهذا ما استحسنه الحكيم السبزواريّ في شرح الأسماء : ٧٣ ـ ٧٦ ، فقال : «إنّ ما ذكره سيّد الحكماء وسند العلماء السيّد المحقّق الداماد من الحدوث الدهريّ حقّ لا غبار عليه ، بل هو مطلب عال ودرّ ثمنه غال». ثمّ بيّنه بقوله : «إنّا علّمناك أنّ المعبّر عنه للعدم ليس إلّا الوجود باعتبار خصوصيّة أنحائه ، لفقد كلّ مرتبة للمرتبة الاخرى. فكما أنّ كلّ حدّ وقطعة من هذه السلسلة العرضيّة ـ الّتي مرّ أنّها كخط ذي أجزاء بالقوّة متّصل واحد بالفعل ـ عدم لحدّ آخر وقطعة اخرى ، كذلك كلّ حدّ ومرتبة من السلسلة الطوليّة ـ من جسم الكلّ وطبع ـ