الفصل الحادي عشر
في الزمان
إنّا نجد فيما عندنا حوادث متحقّقة بعد حوادث اخرى هي قبلها ، لما أنّ للّتي بعد نحو توقّف على الّتي قبل ، توقّفا لا يجامع معه القبل والبعد ، على خلاف سائر أنحاء التقدّم والتأخّر كتقدّم العلّة أو جزئها على المعلول ، وهذه مقدّمة ضروريّة لا نرتاب فيها.
ثمّ إنّ ما فرضناه قبل ينقسم بعينه إلى قبل وبعد بهذا المعنى ، أي بحيث لا يجتمعان ، وكذا كلّ ما حصل من التقسيم وله صفة قبل (١) ينقسم إلى قبل وبعد من غير وقوف للقسمة.
فهاهنا كمّ متّصل غير قارّ ، إذ لو لم يكن كمّ لم يكن انقسام ؛ ولو لم يكن اتّصال لم يتحقّق البعد فيما هو قبل ، وبالعكس ، بل انفصلا. وبالجملة : لم يكن بين الجزئين من هذا الكمّ حدّ مشترك ، ولو لم يكن غير قارّ لاجتمع ما هو قبل وما هو بعد بالفعل.
وإذ كان الكمّ عرضا فله موضوع هو معروضه ، لكنّا كلّما رفعنا الحركة من المورد ارتفع هذا المقدار ، وإذا وضعناها ثبت ، وهذا هو الّذي نسمّيه : «زمانا» ،
__________________
(١) أو له صفة بعد.