الفصل الثالث عشر
في نفي الاتّفاق
وهو انتفاء الرابطة بين الفاعل والغاية (١)
ربّما يتوهّم (٢) أنّ من الغايات (٣) المترتّبة على الأفعال ما هو غير مقصود لفاعلها ، فليس كلّ فاعل له في فعله غاية (٤). ومثّلوا له بمن يحفر بئرا ليصل إلى الماء فيعثر على كنز ، فالعثور على الكنز غاية مترتّبة على الفعل غير مرتبطة بالحافر (٥)
__________________
(١) إعلم أنّه قد يطلق الاتّفاق ويراد به ما لا فاعل ولا سبب له ، فهو فعل لا فاعل له. وقد يطلق ويراد به ما لا غاية له ، فهو فعل له فاعل من دون أن تكون له غاية. وقد يطلق ويراد به ما لا فاعل ولا غاية له ، فهو فعل ليس له سبب ولا يترتّب عليه غاية. وقد يطلق ويراد به ما ينتهي إليه فعل له فاعل ، غاية الأمر أنّه لا ربط ضروريّا بين الفاعل وما ينتهي إليه الفعل ، وانتفاء الرابطة بين الفعل والغاية يستلزم انتفاءها بين الفاعل والغاية ، ولذا قال المصنّف رحمهالله : «وهو انتفاء الرابطة بين الفاعل والغاية» أي لمّا لم يكن بين الفعل والغاية رابطة ضروريّة فلم يكن بين الفاعل والغاية رابطة ضروريّة فلم يقصدها الفاعل في فعله. وأمّا الاتّفاق ـ بمعنى نفي السبب والغاية لأمر ـ فهو باطل غير واقع ، لم يتوهّمه إلّا من أنكر أصل الفاعليّة الحقيقيّة.
(٢) كما توهّمه أرسطو على ما نقل عنه في تاريخ الفلسفة اليونانيّة : ٢٣٩.
(٣) بمعنى مطلق ما ينتهي إليه المحرّك بالحركة ، سواء كان مقصودا له أو غير مقصود.
(٤) بمعنى الفائدة المقصودة للفاعل في فعله.
(٥) أي : غير مرتبطة به ربطا ضروريّا ، وإلّا فيعثر على الكنز دائما.