الفصل العاشر
في أنّ البسيط يمتنع أن يكون فاعلا وقابلا (١)
المشهور من الحكماء عدم جواز كون الشيء الواحد من حيث هو واحد فاعلا وقابلا مطلقا (٢). واحترز بقيد «وحدة الحيثيّة» عن الأنواع المادّيّة الّتي تفعل بصورها وتقبل بموادّها ، كالنار تفعل الحرارة بصورتها وتقبلها بمادّتها. وذهب المتأخّرون (٣) إلى جوازه مطلقا.
والحقّ (٤) هو التفصيل بين ما كان القبول فيه بمعنى الانفعال والاستكمال الخارجيّ فلا يجامع القبول الفعل في شيء واحد بما هو واحد ، وما كان القبول فيه
__________________
(١) أي : يمتنع أن يكون فاعلا لفعل وقابلا له. وبتعبير آخر : يمتنع أن يكون مؤثّرا في أثر واحد وهو يكون متأثرا من ذلك الأثر بعينه.
(٢) وبتعبير آخر : أنّ الفاعل من حيث هو فاعل لا يمكن أن يكون قابلا مطلقا ، سواء كان مقبوله هو مفعوله أو غيره. وهذا مذهب الجمهور من الحكماء. وتبعهم المحقّق الطوسيّ في تجريد الاعتقاد : ١٣٥.
(٣) ومنهم الفخر الرازيّ في المباحث المشرقيّة ١ : ٥١٥ ـ ٥١٦. ونسب القول بالجواز أيضا إلى الأشاعرة القائلين بأنّ لله صفات حقيقيّة زائدة على ذاته ، راجع شرح المواقف : ١٧٤.
(٤) كما ذهب إليه صدر المتألّهين في الأسفار ٢ : ١٧٦ ـ ١٧٧ ، والفيض الكاشاني في أصول المعارف : ٦٩.