الفصل التاسع
في أنّ الفاعل التامّ الفاعليّة
أقوى من فعله وأقدم
أمّا أنّه أقوى وجودا وأشدّ فلأنّ الفعل ـ وهو معلوله ـ رابط بالنسبة إليه ، قائم الهويّة به ، وهو (١) المستقلّ الّذي يقوّمه ويحيط به. ولا نعني بأشدّيّة الوجود إلّا ذلك. وهذا يجري في العلّة التامّة أيضا كما يجري في الفاعل المؤثّر (٢).
وقد عدّ صدر المتألّهين رحمهالله المسألة بديهيّة ، إذ قال : «البداهة حاكمة بأنّ العلّة المؤثّرة هي أقوى لذاتها من معلولها فيما يقع به العلّيّة ، وفي غيرها لا يمكن الجزم بذلك ابتداء» (٣). انتهى.
وأمّا أنّه أقدم وجودا من فعله فهو من الفطريّات ، لمكان توقّف وجود الفعل على وجود فاعله (٤). وهذا أيضا كما يجري في الفاعل يجري في العلّة التامّة
__________________
(١) أي الفاعل التام الفاعليّة.
(٢) لا يخفى عليك أنّه ليس الفاعل المؤثّر إلّا نفس العلّة التامّة ، وليست العلّة التامّة إلّا الفاعل المؤثّر ، وهو الواجب تعالى.
(٣) راجع الأسفار ج ٢ ص ١٨٧.
(٤) أقول : إن كان المراد من تقدّم الفاعل التامّ الفاعليّة تقدّمه على الفعل من حيث إنّه فاعل تامّ بالفعل ـ أي حين صدور الفعل عنه وبوصف الفاعليّة ـ فهو ممنوع ، ضرورة أنّ الفاعل ـ