الفصل السابع
في مفيض هذه الصور العلميّة (١)
مفيض الصور العقليّة الكلّيّة جوهر عقليّ مفارق للمادّة ، عنده جميع الصور
__________________
ـ ٤٦١ : «وهو قريب الشبه بالعقل الفعّال ، والفرق بينه وبين العقل الفعّال أنّ العقل المستفاد صورة مفارقة كانت مقترنة بالمادّة ثمّ تجرّدت عنها بعد تحوّلها في الأطوار ، والعقل الفعّال هو صورة لم تكن في مادّة أصلا ولا يمكن أن تكون إلّا مفارقة».
(١) لا يخفى عليك أنّ ما جاء في هذا الفصل مبتن على ما ذهب إليه المشّاؤون من أنّ الصور العقليّة حالّة في النفس قائمة به قياما حلوليّا ، نظير قيام العرض بمعروضه. فعليه يكون اختراعها من العلّة المفيضة إيّاها على النفس. وهي ما يسمّيه المشّاؤون : «العقل الفعّال».
وأمّا على القول بأنّ الصور العقليّة من فعل النفس في مرتبة العقل ـ كما كانت الصورة الخياليّة فعلها في مرتبة الخيال ـ بحيث يكون قيام الصور العقليّة بالنفس قياما صدوريّا ، نظير قيام المعلول بالعلّة فلا شكّ أنّ مخترعها ومفيضها هو النفس.
وعلى القول بأنّ الصور العقليّة مجرّدات قائمة بنفسها في عالم النفس ـ كما ذهب إليه المصنّف رحمهالله في الفصل الأوّل من هذه المرحلة ـ لم تحصل صور عقليّة للنفس لكي نحتاج إلى إثبات مبدأ لإفاضتها عليها عند حصول استعداد خاصّ للنفس بالنسبة إليها ، بل يقال : إنّ منشأ حضور الصور العقليّة القائمة بنفسها في عالم النفس هو الحسّ ، لا بمعنى أنّه المفيض لها ، بل بمعنى أنّ التفات النفس وارتباطها بالخارج المادّيّ ـ بلا واسطة أو بواسطة ـ يوجب حضور الصور العقليّة في عالم النفس من دون قيامها بالنفس قياما صدوريّا أو حلوليّا.
ولذلك من فقد حاسّة من الحواس فقد العلوم المتعلّقة بها.