وقيل : هو الميل ؛ ومنه قوله تعالى : (إِنَّا هُدْنا إِلَيْكَ) [الأعراف : ١٥٦] والمعنى : بقلوبنا إلّيك ، وهذا غلط ؛ فإن تيك مادة أخرى من «هاد ـ يهود».
وقال الرّاغب : الهداية : دلالة بلطف ، ومنه الهديّة ، وخصّ ما كان دلالة ب «هديت» وما كان إعطاء ب «أهديت».
و «الصّراط» : الطّريق المستسهل ، وبعضهم لا يقيده بالمستسهل ؛ قال : [الرجز]
٧١ ـ فضلّ عن نهج الطّريق الواضح (١) ومثله : [الوافر]
٧٢ ـ أمير المؤمنين على صراط |
|
إذا اعوجّ الموارد مستقيم (٢) |
وقال آخر : [الوافر]
٧٣ ـ شحنّا أرضهم بالخيل حتّى |
|
تركناهم أذلّ من الصّراط (٣) |
أي : الطّريق.
وهو مشتقّ من «السّرط» وهو : الابتلاع ؛ إمّا لأنّ سالكه يسترطه ، أو لأنه يسترط سالكه ؛ ألا ترى إلى قولهم : قتل أرضا عالمها ، وقتلت أرض جاهلها ؛ وبهذين الاعتبارين قال أبو تمام (٤) : [الطويل]
٧٤ ـ رعته الفيافي بعد ما كان حقبة |
|
رعاها وماء المزن ينهلّ ساكبه (٥) |
وعلى هذا سمّي الطريق لقما وملتقما ؛ لأنه يلتقم سالكه ، أو يلتقمه سالكه.
__________________
(١) ينظر البيت في مجاز القرآن : ١ / ٢٤ ، الطبري : ١ / ١٠٤ ، القرطبي : ١ / ١٠٣ ، الدر المصون : ١ / ٧٨.
(٢) البيت لجرير يمدح هشام بن عبد الملك. ينظر ديوانه : ٥٠٧ ، المحتسب : ١ / ٤٣ ، مجاز القرآن : ١ / ٢٤ ، اللسان (سرط) ، الطبري : ١ / ١٠٤ ، النكت والعيون : ١ / ٥٨ ، المحرر الوجيز : ١ / ٧٤ ، القرطبي : ١ / ١٠٣ ، المجمل في اللغة : ٤ / ٩٢٣ ، معجم مقاييس اللغة : ٦ / ١٠٥ ، المذكر والمؤنث : ١ / ٤٦٠ ، الدر : ١ / ٧٨.
(٣) البيت لأبي ذؤيب الهذلي وليس في ديوانه. ينظر تفسير الطبري : ١ / ١٠٤ ، ونسبه القرطبي : ١ / ١٠٣ ، لعامر بن الطفيل ، الدر : ١ / ٧٨.
(٤) حبيب بن أوس بن الحارث الطائي ، أبو تمام الشاعر ، الأديب ، أحد أمراء البيان. ولد في جاسم (من قرى حوران سورية) سنة ١٨٨ ه ورحل إلى مصر ، واستقدمه المعتصم إلى بغداد فأجازه ، وقدمه على شعراء وقته فأقام في العراق. ثم ولي بريد الموصل فلم يتم سنتين حتى توفي بها سنة ٢٣١ ه ، كان أسمر طويلا ، فصيحا ، حلو الكلام ، فيه تمتمة يسيرة يحفظ أربعة عشر ألف أرجوزة من أراجيز العرب غير القصائد والمقاطيع ، في شعره قوة وجزالة ، له تصانيف منها «فحول الشعراء» و «ديوان الحماسة» ، ينظر الأعلام ٢ / ١٦٥ ، وفيات الأعيان ١ / ١٢١.
(٥) ينظر ديوانه : ٤٨ ، مفردات الراغب : ٢٣٠ ، روح المعاني : ١ / ٩٢ ، الدر : ١ / ٧٨.