الثالث مرفوعته ، وهذا ليس بشيء ؛ لأن الياء في حالة الرفع ، ليست تلك الياء التي في حالة النّصب والجر ؛ لأن الأولى للمتكلم ، وهذه للمخاطبة المؤنثة.
وقيل : بل يشاركه لفظ هم ؛ تقول : «هم نائمون» و «ضربتهم» و «مررت بهم» ، ف «هم» مرفوع المحلّ ، ومنصوبه ، ومجروره بلفظ واحد ، وهو للغائبين في كل حال ، وهذا وإن كان أقرب من الأول ، إلّا أنّه في حالة الرفع ضمير منفصل ، وفي حالة النصب والجر ضمير متّصل. فافترقا ، بخلاف «نا» فإنّ معناها لا يختلف ، وهي ضمير متصل في الأحوال الثلاثة.
و «الصّراط» مفعول ثان ، و «المستقيم» صفته ، وقد تبعه في الأربعة من العشرة المذكورة.
وأصل «هدى» أن يتعدّى إلى الأول بنفسه وإلى الثاني بحرف الجرّ ، وهو إما : «إلى» أو «اللام» ؛ كقوله تعالى : (وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) [الشورى : ٥٢] ، (يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ) [الإسراء : ٩] ثمّ يتّسع فيه ، فيحذف الجرّ ، فيتعدى بنفسه ، فأصل (اهْدِنَا الصِّراطَ) : إهدنا للصّراط أو إلى الصّراط ، ثم حذف.
والأمر عند البصريين مبنيّ وعند الكوفين معرب ، ويدّعون في نحو : «اضرب» ، أنّ أصله : «لتضرب» بلام الأمر ، ثم حذف الجازم ، وتبعه حرف المضارعة ، وأتي بهمزة الوصل ؛ لأجل الابتداء بالسّاكن ، وهذا مما لا حاجة إليه ، وللرد عليهم موضع يليق به.
ووزن «اهد» (١) «افع» ؛ حذفت لامه ، وهي الياء حملا [للأمر على المجزوم ، والمجزوم تحذف](٢) منه لامه إذا كانت حرف علّة.
ومعنى الهداية : الإرشاد أو الدلالة ، أو التقدّم. ومنه هواد الخيل لتقدمها. قال امرؤ القيس: [الطويل]
٧٠ ـ فألحقنا بالهاديات ودونه |
|
جواحرها في صرّة لم تزيّل (٣) |
أي : المتقدّمات الهادية لغيرها.
أو التّبيين ؛ نحو : (وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ) [فصلت : ١٧] أي : بيّنّا لهم ؛ ونحو : (أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى) [طه : ٥٠] ، أي : ألهمه لمصالحه.
أو الدعاء ؛ كقوله تعالى (وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ) [الرعد : ٧] ، أي داع.
__________________
(١) زاد بعدها في أ : على وزن.
(٢) سقط في ب.
(٣) ينظر ديوانه : ١٢٠ ، شرح التبريزي على المعلقات : ١١٦ ، شرح المعلقات للزوزني : ٢٨ ، الدر : ١ / ٦٨.