والقصيعة وحتى الجفنة والمحلب» وعن قتادة قال : علم آدم من الأسماء أسماء خلقه ما لم تعلم الملائكة (١) ، وسمى كل شيء باسمه ، وأنحى منفعة كل شيء إلى جنسه.
قال النّحّاس : «وهذا أحسن ما روي».
وقال الطبري «علمه أسماء الملائكة وذرّيته» واختار هذا ، ورجّحه بقوله : «ثم عرضهم».
وقال القتيبي «أسماء ما خلق في الأرض».
وقيل : أسماء الأجناس والأنواع.
وقال الربيع بن أنس (٢) : «أسماء الملائكة».
وقيل : أسماء ذرّيته.
وقيل : أسماء ما كان وما يكون إلى يوم القيامة.
وقيل : صنعة كلّ شيء.
وقال أصحاب التأويل : إن الله ـ عزوجل ـ علم آدم جميع اللّغات ، ثم تكلم كل واحد من أولاده بلغة فتفرقوا في البلاد ، واختص كل فرقة منهم بلغة.
فصل في بيان أن اللغات توقيفية أو اصطلاحية؟
قال «الأشعري» و «الجبائي» و «الكعبي» : اللّغات كلها توقيفية ، بمعنى أن الله تعالى خلق علما ضروريا بتلك الألفاظ ، وتلك المعاني ، وبأن تلك الألفاظ موضوعة (٣)
__________________
ـ ثقة في الحديث ، روى عن ابن عباس وطبقته. وثار على الحجّاج مع ابن الأشعث ، فجاء القراء يؤمّرونه عليهم ، فاعتذر بأنّه من الموالي ، ونصحهم بتأمير رجل من العرب ، فأمّروا جهم بن زحر الخثعمي ، ولما كانت وقعة «دير الجماجم» طعنه أحد رجال الحجاج برمح فقتله سنة ٨٢ ه.
انظر إيضاحات عن المسائل السياسية : ١٢٢ ، تاريخ الصحافة العربية : ٤ / ٤٢٠ ، الأعلام : ٣ / ٩٩.
(١) انظر «الدر المنثور» (١ / ١٠٠ / ١٠١) للسيوطي و «جامع البيان» للطبري (١ / ٤٨٣ ، ٤٨٤ ، ٤٨٥).
(٢) في ب : خثيم.
(٣) والخلاف في أن اللغات توقيفية ، أو اصطلاحية ، جعله بعضهم مفرّعا على الخلاف في خلق الأفعال ؛ ولهذا كان مذهب «الأشعري» هنا التوقيف ؛ عملا بأصله في مسألة الكلام.
وقال ابن الحاجب في أماليه : يتفرع عليه ما إذا ثبت في لغة العرب لفظ يطلقونه على الباري ـ تعالى ـ.
فإن قلنا : إن الواضع الله لم يحتج إلى إذن من الشرع ؛ لثبوت أن الله ـ تعالى ـ هو الواضع.
وإن قلنا : إن الواضع العرب واحد أو جماعة ، لم يكفنا إطلاق اللفظ ؛ لجواز أن يطلقوا على الباري ـ تعالى ـ ما يمنع الشرع بعد وروده إطلاقه. انتهى.
وهذا مردود ؛ إذ لا يلزم من وضع اللغة الإذن في استعمالها ، ألا ترى أن كلمة «كفر» موضوعة قطعا ، ولا يتعلق بها إثم ولا عقاب ؛ كسائر ما يكون لغوا ولا مهملا.
واعلم أنّ القائلين بالتوقيف احتجّوا بالمنقول والمعقول : ـ