والمشهور بناؤه على الكسر ، وقد يضم ، وقد ينوّن مكسورا ، وقد تبدل همزته هاء ، فيقال : هؤلاه ، وقد يقال : هولاء ؛ كقوله : [الوافر]
٣٧٠ ـ تجلّد لا يقل هولاء : هذا |
|
بكى لمّا بكى أسفا عليكا (١) |
ولامه عند الفارسي همزة فتكون فاؤه ولامه من مادّة واحدة ، وعند المبرد أصلها ياء ، وإنما قلبت همزة لتطرفها بعد الألف الزّائدة.
قوله : (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) تقدّم نظيره وجوابه محذوف أي : إن كنتم صادقين ، فأنبئوني. والكوفيون والمبرد يرون أن الجواب هو المتقدم ، وهو مردود بقولهم : «أنت ظالم إن فعلت» لأنه لو كان جوابا لوجبت الفاء معه كما تجب معه متأخرا.
وقال ابن عطية : إن كون الجواب محذوفا هو رأي المبرد ، وكونه متقدما هو رأي سيبويه ، وهو وهم ؛ لأن المنقول عن المبرد أن التقدير : إن كنتم صادقين أن بني آدم يفسدون في الأرض فأنبئوني. وهذه الآية دالة على فضيلة العلم.
قوله تعالى : (قالُوا سُبْحانَكَ لا عِلْمَ لَنا إِلاَّ ما عَلَّمْتَنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (٣٢) قالَ يا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمائِهِمْ قالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ ما تُبْدُونَ وَما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ)(٣٣)
«سبحان» : اسم مصدر ، وهو التسبيح ، وقيل : بل هو مصدر ؛ لأنه سمع له فعل ثلاثيّ ، وهو من الأسماء اللّازمة للإضافة ، وقد يفرد ، وإذا أفرد ، منع الصّرف للتعريف ، وزيادة الألف والنون ؛ كقوله : [السريع].
٣٧١ ـ أقول لمّا جاءني فخره |
|
سبحان ... (٢) |
وقد جاء منوّنا كقوله : [البسيط]
٣٧٢ ـ سبحانه ثمّ سبحانا نعوذ به |
|
وقبلنا سبّح الجوديّ والجمد (٣) |
فقيل : صرف ضرورة.
وقيل : هو بمنزلة «قبل» و «بعد» ، إن نوي تعريفه بقي على حاله ، وإن نكر أعرب منصرفا ، وهذا البيت يساعد على كونه مصدرا لا اسم مصدر ، لوروده منصرفا.
__________________
(١) ينظر تذكرة النحاة : ص ٥٠٦ ، وخزانة الأدب : ٥ / ٤٣٧ ، ٤٣٨ ، وشرح المفصل : ٣ / ١٣٦ ، الدر المصون : ١ / ١٨٢.
(٢) تقدم برقم (٣٦٥).
(٣) ينظر ديوان أمية بن أبي الصلت : (٣٠) ، الخزانة : (٢٠ / ٣٧) ، الشجري : (١ / ٣٤٨) ، الدرر : (١ / ١٦٣) ، المقتضب : (٣ / ٢١٧) ، ابن يعيش : (١ / ٣٧ ، ١٢٠) (٤ / ٣٦) ، الهمع : (١ / ١٨٩٠) ، الدر المصون : (١ / ١٨٣).