ومعلميهم ، فقال لهم : ما صنعتم؟ قالوا : قد عملنا سحرا لا يطيقه سحرة أهل الأرض ، إلا أن يكون أمرا من السّماء ، فإنه لا طاقة لنا به.
فقه الحياة أو الأحكام :
الآيات إظهار واضح لقدرة الله تعالى بإعدام الحبال والعصي وإذهابها من الوجود ، مما يدلّ على وجود الإله القادر المختار ، وعلى المعجز العظيم لموسى عليهالسلام ، والحسم القاطع بين الحقّ والباطل.
ولكن المشكلة تكمن في مواقف البشر ، فالمعاندون وهم فرعون وقومه ، بالرغم من عار الهزيمة والخذلان ، ظلّوا على وضعهم من الكفر والعناد والتكذيب ، وهو طيش وخفّة عقل ومكابرة للحقّ. وأما السّحرة البسطاء في الظاهر ، والعقلاء في الحقيقة والواقع ، فإنهم عرفوا أن فعل موسى ليس من قبيل السّحر ، وإنما هو معجزة سماوية إلهية ، فلم يتمالكوا أنفسهم ، وخرّوا ساجدين لربّهم ، خاضعين لإله الكون.
فما أحرى الناس بتقليد هؤلاء ونبذ أولئك!!
ذلك لأنّ السّحرة كانوا مهرة في علم السّحر ، متقنين لفنونه وأنواعه ، ولأجل مهارتهم وإتقانهم وكمال علمهم بالسّحر انتقلوا من الكفر إلى الإيمان.
واحتجّ أهل السّنّة بقوله تعالى : (وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ ساجِدِينَ) على أن غيرهم ألقاهم ساجدين ، وما ذاك إلا الله رب العالمين. وهذا يدلّ على أن فعل العبد من خلق الله تعالى ، فهو سبحانه هو خالق الميل إلى الإيمان في قلوبهم.
ولما ظفروا بمعرفة الله تعالى في الحال ، جعلوا سجودهم شكرا لله تعالى على الفوز بالمعرفة والإيمان ، وعلامة أيضا على انقلابهم من الكفر إلى الإيمان ، وإظهار الخضوع والتّذلل لله تعالى.