وأما خوف موسى فليس كخوف العوام ، وإنما لعله خاف من وقوع التأخير في ظهور حجته على سحرهم.
١١ ـ السحر كما دلت الآية مجرد خيال وتمويه لا حقيقة فيه ، لذا يسمى بالشّعوذة والدجل ، وهو إما أن يعتمد على بعض خواص المادة كتمدد الزئبق الذي وضعه سحرة فرعون في حبالهم وعصيهم ، وإما أن يستعان فيه بخفة اليد في إخفاء بعض الأشياء وإظهار بعضها ، وإما أن يلجأ فيه إلى تأثير النفس القوية في إرادة النفس الضعيفة ، وقد يستعان حينئذ بأرواح الشياطين ، ومنه ما يسمى في عصرنا بالتنويم المغناطيسي.
١٢ ـ الفرق بين السحر والمعجزة : أن المعجزة حقيقة تظهر على يد مدعي النبوة ، والسحر خيال يحدث على يد رجل فاسق.
لذا أخطأ من زعم أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم سحر ، وأن السحر أثّر فيه ، حتى قال : «إنه يخيّل إلي أني أقول الشيء وأفعله ، ولم أقله ولم أفعله» وإن امرأة يهودية سحرته في وعاء طلع النخل ووضعته تحت الحجر الذي يقف عليه المستقي من البئر ، حتى أتاه جبريل فأخبره بذلك ، فاستخرج وزال عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم. وهذا كله من وضع الملحدين الذين يحاولون العبث بالنبوة وإبطال معجزات الأنبياء عليهمالسلام.
وهذا ينافي قوله تعالى : (وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتى). وجائز أن تفعل المرأة اليهودية ذلك بجهلها ، ثم أطلع الله نبيه على فعلها ، لا أن ذلك ضره وخلط عليه أمره.