التفسير والبيان :
قل يا محمد لجميع البشر من عرب وغيرهم ، بيض أو سود : إني رسول الله إليكم جميعا ، لا إلى قومي العرب خاصة ، وإلى كل وقت وزمن إلى يوم القيامة ، وهذا يقتضي أن يكون مبعوثا إلى جميع الناس ، كما قال تعالى : (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ) [الأنبياء ٢١ / ١٠٧] وقال : (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً) [سبأ ٣٤ / ٢٨] وقال : (وَأُوحِيَ إِلَيَّ هذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ) [الأنعام ٦ / ١٩] أي وأنذر كل من بلغه. ومطلع سورة الفرقان يؤكد عالمية الرسالة.
وجاءت الأحاديث الثابتة مؤكدة عموم الرسالة النبوية ، مثل حديث الصحيحين والنسائي عن جابر بن عبد الله عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : «أعطيت خمسا لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي : نصرت بالرّعب مسيرة شهر ، وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا ، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصلّ ، وأحلّت لي الغناء ولم تحل لأحد قبلي ، وأعطيت الشفاعة ، وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة ، وبعثت إلى الناس عامة».
(إِنِّي رَسُولُ اللهِ) الذي له الملك التام والتصرف الكامل في السموات وفي الأرضين جميعها ، وله القدرة التامة على الإحياء والإماتة.
وقد تضمنت هذه الآية عناصر العقيدة الثلاثة : وهي توحيد الربوبية بالإيمان ، وتوحيد الألوهية بالإيمان والعمل ، أي بعبادة الله وحده ، ثم الإيمان برسالة النبي محمدصلىاللهعليهوآلهوسلم ، ثم الإيمان بالبعث بعد الموت ، وذلك معنى الإحياء والإماتة.
ورتب على ما سبق الدعوة إلى الإيمان فقال : (فَآمِنُوا بِاللهِ ...) أي فصدقوا أيها الناس قاطبة بالله الواحد الأحد الفرد الصمد في ربوبيته وألوهيته ، وآمنوا برسوله النبي الأمي الذي بعثه إلى الخلق أجمعين.