بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
٢١ ـ سورة الأنبياء
سماها السلف «سورة الأنبياء» ، ففي «صحيح البخاري» عن عبد الله بن مسعود قال : «بنو إسرائيل ، والكهف ، ومريم ، وطه ، والأنبياء ، هن من العتاق الأول وهنّ من تلادي». ولا يعرف لها اسم غير هذا.
ووجه تسميتها سورة الأنبياء أنها ذكر فيها أسماء ستة عشر نبيئا ومريم ولم يأت في سور القرآن مثل هذا العدد من أسماء الأنبياء في سورة من سور القرآن عدا ما في سورة الأنعام. فقد ذكر فيها أسماء ثمانية عشر نبيئا في قوله تعالى : (وَتِلْكَ حُجَّتُنا آتَيْناها إِبْراهِيمَ عَلى قَوْمِهِ) إلى قوله : (وَيُونُسَ وَلُوطاً) [الأنعام : ٨٣ ـ ٨٦] فإن كانت سورة الأنبياء هذه نزلت قبل سورة الأنعام فقد سبقت بالتسمية بالإضافة إلى الأنبياء ؛ وإلا فاختصاص سورة الأنعام بذكر أحكام الأنعام أوجب تسميتها بذلك الاسم فكانت سورة الأنبياء أجدر من بقية سور القرآن بهذه التسمية ، على أن من الحقائق المسلّمة أن وجه التسمية لا يوجبها.
وهي مكية بالاتفاق. وحكى ابن عطية والقرطبي ، الإجماع على ذلك ونقل السيوطي في «الإتقان» استثناء قوله تعالى : (أَفَلا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها أَفَهُمُ الْغالِبُونَ) [الأنبياء : ٤٤] ، ولم يعزه إلى قائل. ولعله أخذه من رواية عن مقاتل والكلبي عن ابن عباس أن المعنى ننقصها بفتح البلدان ، أي بناء على أن المراد من الرؤية في الآية الرؤية البصرية ، وأن المراد من الأرض أرض الحجاز ، وأن المراد من النقص نقص سلطان الشرك منها. وكل ذلك ليس بالمتعين ولا بالراجح. وسيأتي بيانه في موضعه. وقد تقدم بيانه في نظيرها من سورة الرعد التي هي أيضا مكية فالأرجح أن سورة الأنبياء مكية كلها.