أو الثالثة».
والأجل المسمّى هو وقت نحرها ، وهو يوم من أيام منى. وهي الأيام المعدودات.
والمحلّ : ـ بفتح الميم وكسر الحاء ـ مصدر ميمي من حلّ يحلّ إذا بلغ المكان واستقرّ فيه. وهو كناية عن نهاية أمرها ، كما يقال : بلغ الغاية ، ونهاية أمرها النحر أو الذبح.
و (إِلى) حرف انتهاء مجازي لأنها لا تنحر في الكعبة ، ولكن التقرب بها بواسطة تعظيم الكعبة لأنّ الهدايا إنما شرعت تكملة لشرع الحجّ ، والحجّ قصد البيت. قال تعالى : (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ) [آل عمران : ٩٧] ، فالهدايا تابعة للكعبة ، قال تعالى : (هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ) [المائدة : ٩٥] وإن كانت الكعبة لا ينحر فيها ، وإنما المناحر : منى ، والمروة ، وفجاج مكة أي طرقها بحسب أنواع الهدايا ، وتبيينه في السنة.
وقد جاء في قوله تعالى : (ثُمَّ مَحِلُّها إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ) رد العجز على الصدر باعتبار مبدأ هذه الآيات وهو قوله تعالى : (وَإِذْ بَوَّأْنا لِإِبْراهِيمَ مَكانَ الْبَيْتِ) [الحج : ٢٦].
[٣٤ ، ٣٥] (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنا مَنْسَكاً لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ فَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ (٣٤) الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلى ما أَصابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلاةِ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ (٣٥))
(وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنا مَنْسَكاً لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ فَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا).
عطف على جملة (ثُمَّ مَحِلُّها إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ) [الحج : ٣٣].
والأمة : أهل الدين الذين اشتركوا في اتباعه. والمراد : أنّ المسلمين لهم منسك واحد وهو البيت العتيق كما تقدم. والمقصود من هذا الرد على المشركين إذ جعلوا لأصنامهم مناسك تشابه مناسك الحج وجعلوا لها مواقيت ومذابح مثل الغبغب منحر العزّى ، فذكرهم الله تعالى بأنه ما جعل لكل أمّة إلّا منسكا واحدا للقربان إلى الله تعالى الذي رزق الناس الأنعام التي يتقربون إليه منها فلا يحق أن يجعل لغير الله منسك لأنّ ما لا يخلق الأنعام المقرّب بها ولا يرزقها الناس لا يستحق أن يجعل له منسك لقربانها فلا تتعدد المناسك.