وانتصب (لاعِبِينَ) على الحال من ضمير (خَلَقْنَا) وهي حال لازمة إذ لا يستقيم المعنى بدونها.
وجملة (لَوْ أَرَدْنا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْواً) مقررة لمعنى جملة (وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما لاعِبِينَ) تقريرا بالاستدلال على مضمون الجملة ، وتعليلا لنفي أن يكون خلق السماوات والأرض لعبا ، أي عبثا بأن اللعب ليس من شأننا أو على الفرض والتنازل لو أردنا اللهو لكان ما يلهو به حاصلا في أشرف الأماكن من السماوات فإنها أشد اختصاصا بالله تعالى إذ جعل سكانها عبادا له مخلصين ، فلذلك عبر عنها باسم الظرف المختص وهو لدن مضافا إلى ضمير الجلالة بقوله تعالى من (لَدُنَّا) ، أي غير العوالم المختصة بكم بل لكان في عالم الغيب الذي هو أشد اختصاصا بنا إذ هو عالم الملائكة المقربين.
فالظرفية المفادة من لدن ظرفية مجازية. وإضافة لدن إلى ضمير الجلالة دلالة على الرفعة والتفضيل كقوله تعالى (رِزْقاً مِنْ لَدُنَّا) في سورة [القصص : ٥٧] ، وقوله تعالى : (وَهَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً) في سورة [آل عمران : ٨] ، أي لو أردنا أن نتخذ لهوا لما كان اتخاذه في عالم شهادتكم. وهذا استدلال باللزوم العرفي لأن شأن من يتخذ شيئا للتفكه به أن يستأثر به ولا يبيحه لغيره وهو مبني على متعارف عقول المخاطبين من ظنهم أن العوالم العليا أقرب إلى الله تعالى.
وجملة (إِنْ كُنَّا فاعِلِينَ) إن جعلت (إن) شرطية فارتباطها بالتي قبلها ارتباط الشرط بجزائه المحذوف الدال عليه جواب (لو) وهو جملة (لَاتَّخَذْناهُ) فيكون تكريرا للتلازم ؛ وإن جعلت (إن) حرف نفي كانت الجملة مستأنفة لتقرير الامتناع المستفاد من (لو) ، أي ما كنا فاعلين لهوا.
(بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْباطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذا هُوَ زاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ (١٨))
(بل) للإضراب عن اتخاذ اللهو وعن أن يكون الخلق لعبا إضراب إبطال وارتقاء ، أي بل نحن نعمد إلى باطلكم فنقذف بالحق عليه كراهية للباطل بله أن نعمل عملا هو باطل ولعب.
والقذف ، حقيقته : رمي جسم على جسم. واستعير هنا لإيراد ما يزيل ويبطل الشيء من دليل أو زجر أو إعدام أو تكوين ما يغلب ، لأن ذلك مثل رمي الجسم المبطل بشيء