المبدل منها ، وأما هذه الجملة الثانية فخليّة عن ذلك فعطفت بالحرف الأصلي للعطف.
وجملة (وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ) تذييل ، أي مصير الناس كلهم إليّ. والمصير مصدر ميمي ل (صار) بمعنى : رجع ، وهو رجوع مجازي بمعنى الحصول في المكنة.
وتقديم المجرور للحصر الحقيقي ، أي لا يصير الناس إلا إلى الله ، وهو يقتضي أنّ المصير إليه كائن لا محالة ، وهو المقصود من الحصر لأن الحصر يقتضي حصول الفعل بالأحرى فهو كناية عن عدم الإفلات.
[٤٩ ـ ٥١] (قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّما أَنَا لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (٤٩) فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (٥٠) وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آياتِنا مُعاجِزِينَ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ (٥١))
استئناف بعد المواعظ السالفة والإنذارات ، وافتتاحه ب (قُلْ) للاهتمام به ، وافتتاح المقول بنداء الناس للفت ألبابهم إلى الكلام. والمخاطبون هم المشركون.
والغرض من خطابهم إعلامهم بأن تكذيبهم واستهزاءهم لا يغيظ النبي صلىاللهعليهوسلم ولا يصدّه عن أداء رسالته ، ففي ذلك قمع لهم إذ كانوا يحسبون أنهم بتكذيبهم واستهزائهم يملّونه فيترك دعوتهم ، وفيه تثبيت للنبي وتسلية له فيما يلقاه منهم.
وقصر النبي على صفة النذارة قصر إضافي ، أي لست طالبا نكايتكم ولا تزلفا إليكم فمن آمن فلنفسه ومن عمى فعليها.
والنذير : المحذّر من شرّ يتوقع.
وفي تقديم المجرور المؤذن بالاهتمام بنذارتهم إيماء إلى أنهم مشرفون على شرّ عظيم فهم أحرياء بالنذارة.
والمبين : المفصح الموضح ، أي مبين للإنذار بما لا إيهام فيه ولا مصانعة.
وفرع على الأمر بالقول تقسيم للناس في تلقي هذا الإنذار المأمور الرسول بتبليغه إلى مصدق ومكذّب لبيان حال كلا الفريقين في الدنيا والآخرة ترغيبا في الحالة الحسنى وتحذيرا من الحالة السّوأى فقال تعالى : (فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ) إلى آخره ... فهذا إخبار من الله تعالى كما يقتضيه قوله (فِي آياتِنا).