ابن إسماعيل يقول : دخلت بغداد على رجل في بيته ، فرأيت ثمة حصيرا وكوزا مكسورا. قال: فكنت أنظر في البيت قال : ففطن الرجل فقال : العفا خير من العافية.
أخبرنا أبو حازم عمر بن أحمد بن إبراهيم العبدوي ـ بنيسابور ـ قال : سمعت أبا عبد الله محمّد بن العبّاس العصمي يقول : سمعت أبا بكر بن أبي عثمان يقول : سمعت أبي أبا عثمان ـ وقام في مجلسه رجل من أهل بغداد ـ فقال : يا أبا عثمان متى يكون الرجل صادقا في حب مولاه؟ قال : إذا خلا من خلافه ، كان صادقا في حبه. قال : فوضع الرجل التراب على رأسه وصاح وقال : كيف أدعي حبه ولم أخل طرفة عين من خلافه؟ قال : فبكى أبو عثمان وأهل المجلس ، وجعل أبو عثمان يبكي ويقول : صادق في حبه ، مقصر في حقه.
وأخبرنا أبو حازم قال : سمعت أبا عمرو بن نجيد يقول : سمعت أبا عثمان سعيد ابن إسماعيل يقول : لا تثقن بمودة من لا يحبك إلّا معصوما. قال أبو حازم : لم يزدنا أبو عمرو على هذا القدر ، فسمعت أبا عبد الله بن أبي ذهل يقول : سمعت أبا عمرو بن نجيد يقول : كنت أختلف إلى أبي عثمان مدة في وقت شبابي ، وكنت قد حظيت عنده ، فقضى من القضاء أني اشتغلت مرة بشيء مما تشتغل به الفتيان ، فنقل ذلك إلى أبي عثمان ، فانقطعت عنه بعد ذلك ، فافتقدني ، فأقمت على انقطاعي عنه ، وكنت إذا رأيته في طريق ـ أو من بعيد ـ اختفيت في موضع حتى لا تقع عينه عليّ ، فدخلت يوما سكة من السكك فخرج على أبو عثمان من عطفة في السكة ، فلم أجد عنه محيصا ، فتقدمت إليه وأنا دهش متشوش ، فلما رأى ذلك قال لي : يا أبا عمرو لا تثقن بمودة من لا يحبك إلّا معصوما ، هذا معنى الحكاية.
حدّثت عن محمّد بن العبّاس العصمي قال : سمعت أبا بكر بن أبي عثمان يقول : سمعت أبي يقول : طول العتاب فرقة ، وترك العتاب حشمة.
أخبرنا أبو حازم العبدوي قال : سمعت أبا عمرو إسماعيل بن نجيد يقول : سمعت أبا عثمان سعيد بن إسماعيل يقول : موافقة الإخوان خير من الشفقة عليهم.
وأخبرنا أبو حازم قال : سمعت محمّد بن حمدويه الحافظ يقول : سمعت أمي تقول : سمعت مريم امرأة أبي عثمان تقول : كنا نؤخر اللعب والضحك والحديث إلى أن يدخل أبو عثمان في ورده من الصلاة ، فإنه كان إذا دخل ستر الخلوة لم يحس بشيء من الحديث وغيره.