ومن شعره ما أنشدنيه لنفسه :
ما زلت أطلب علم الفقه مصطبرا |
|
على الشدائد حتى أعقب الجبرا |
فكان ما كدّ من درس ومن سهر |
|
في عظم ما نلت من عقباه مغتفرا |
حفظت مأثوره حفظا وثقت به |
|
وما يقاس على المأثور معتبرا |
صنفت في كل نوع من مسائله |
|
غرائب الكتب مبسوطا ومختصرا |
أقول بالأثر المروي متبعا |
|
وبالقياس إذا لم أعرف الأثرا |
إذا انتضيت بناني عن غوامضه |
|
حسرت عنها قناع اللبس فانحسرا |
وإن تحريت طرق الحق مجتهدا |
|
وصلت منها إلى ما أعجز الفكرا |
وكنت ذا ثروة لما عنيت به |
|
فلم أدع ظاهرا منها ومدخرا |
وما أبالي إذا ما العلم صاحبني |
|
ثم التقى فيه ألّا أصحب اليسرا |
ثنت عناني عنه همة طمحت |
|
إلى الهدى فاستطابت عنده الصبرا |
أصدى فلا أتصدى للئيم ولا |
|
أبيت دون الغني خزيان منكسرا |
إذا أضقت سألت الله مقتنعا |
|
كفايتي فأطاب الورد والصدرا |
مات القاضي أبو الطّيّب الطّبريّ في يوم السبت لعشر بقين من شهر ربيع الأول سنة خمسين وأربعمائة ، ودفن من الغد في مقبرة باب حرب ، وحضرت الصلاة عليه في جامع المنصور ، وكان إمامنا في الصلاة عليه أبو الحسن بن المهتدى بالله الخطيب.
وبلغ من السن مائة سنة وسنتين ، وكان صحيح العقل ، ثابت الفهم ، يقضي ويفتي إلى حين وفاته.
ذكر من اسمه الطّيّب
وهو أحد القراء المشهورين ، وكان صالحا زاهدا ، روى حروف القرآن عن عليّ
__________________
٤٩٢٧ ـ انظر : المنتظم ، لابن الجوزي ١١ / ٣٠٠. والأنساب للسمعاني ٣ / ١٣٢.
(١) الثقّاب : هذه اللفظة لمن يثقب حب اللؤلؤ (الأنساب ٣ / ١٣٢).