مع عدم الرجوع ليومه ، وكأنهم جعلوا ذلك وجه جمع بين أخبار الأربعة المقيدة كما تقدم واخبار عرفات حذرا من ما يلزم القول المشهور من طرحها رأسا.
وفيه انه لا إشعار في شيء من اخبار عرفات بما ذهبوا اليه من التخيير بل هي في رده أظهر ظاهر كما لا يخفى على البصير الخبير. وتوجيه ذلك بحمل النهى على الكراهة أو عن الإتمام على وجه اللزوم ـ كما ذهب إليه في المدارك وقبله جده في كتاب روض الجنان مع بعده عن مضامينها كما عرفت ـ يتوقف على وجود المعارض المحوج الى هذه التكلفات البعيدة والتمحلات الشديدة الناشئة من عدم فهمهم المراد من هذه الأخبار.
وتقريب الاستدلال بالأخبار المشار إليها انه لا يخفى ان جملة منها قد تضمنت النهى عن الإتمام الذي هو حقيقة في التحريم ، وجملة تضمنت الأمر بالتقصير الذي هو حقيقة في الوجوب مؤكدا ذلك بقوله «واى سفر أشد منه» والدعاء ب «ويلهم أو ويحهم» والتوبيخ لهم بأنهم كأنهم لم يحجوا مع رسول الله صلىاللهعليهوآله المشعر بكونه صلىاللهعليهوآله مدة كونه في مكة متى حج فإنه يقصر الموجب لوجوب التأسي ، فأي دلالة أظهر من هذه الدلالات وأي مبالغة وتأكيد أبلغ من هذه التأكيدات ، مع انهم يكتفون في سائر الأحكام في الحكم بالوجوب والتحريم بمجرد خبر واحد يدل على ذلك ، فكيف بهذه الأخبار الصحيحة الصريحة العديدة المشتملة على ما ذكرنا من وجوه المبالغات والتأكيدات ، ويقابلونها بمجرد هذه التخريجات والتمحلات والتكلفات من غير معارض يقتضيه سوى عدم إعطائهم التأمل حقه في فهم المراد من الأخبار كما سنظهره لك ان شاء الله تعالى أي إظهار.
وبذلك يظهر لك ما في كلام الشيخ في أحد قوليه وصاحب المدارك ومن تبعهما من حمل أخبار الأربعة على الجواز مطلقا أو مع التقييد بعدم الرجوع ليومه كما هو القول الآخر للشيخ وهو الذي نقله عنه في الذكرى.
بقي هنا شيء يجب التنبيه عليه وهو ان ظاهر كلام الأصحاب (رضوان الله