ان كنت دخلت المدينة وصليت بها صلاة فريضة واحدة بتمام فليس لك أن تقصر حتى تخرج منها ، وان كنت حين دخلتها على نيتك التمام ولم تصل فيها صلاة فريضة بتمام حتى بدا لك أن لا تقيم فأنت في تلك الحال بالخيار ان شئت فانو المقام عشرا وأتم وان لم تنو المقام عشرا فقصر ما بينك وبين شهر فإذا مضى لك شهر فأتم الصلاة.
ولا ينافي ذلك ما رواه الشيخ والصدوق عن حمزة بن عبد الله الجعفري (١) قال : «لما نفرت من منى نويت المقام بمكة فأتممت الصلاة حتى جاءني خبر من المنزل فلم أجد بدا من المصير الى المنزل ولم أدر أتم أم أقصر وأبو الحسن عليهالسلام يومئذ بمكة فأتيته وقصصت عليه القصة فقال ارجع الى التقصير».
فان الوجه فيه ان المراد بالجواب انما هو الأمر بالتقصير بعد السفر والخروج فهو كناية عن الأمر له بالسفر بمعنى سافر وقصر ، إذ الظاهر ان مراد السائل انما هو الاستفهام عن من نوى الإقامة هل يجوز له ابطالها والخروج والقصر فيه أم لا بد من الإتمام ولو في الطريق الى أن يتم أيام الإقامة؟ كما يتوهمه كثير ممن لم يقف على حكم المسألة فأجابه عليهالسلام بالأول وحينئذ فلا اشكال.
وتحقيق الكلام في المقام يتوقف على بسطه في مواضع : الأول ـ الظاهر من إطلاق قوله في صحيحة أبي ولاد المذكورة «حتى بدا لك أن لا تقيم» انه بمجرد العدول عن نية الإقامة قبل الصلاة على التمام سواء كان بقصد المسافة أو التردد في الإقامة وعدمها يلزم الرجوع الى التقصير ما لم ينو إقامة عشرة غير الأولى ، وهذا هو المعروف من مذهب الأصحاب لا نعلم فيه خلافا.
لكن يظهر من كلام الشهيد الثاني (قدسسره) وجود الخلاف في ذلك وان مجرد العدول عن النية السابقة قبل الصلاة لا يقتضي التقصير ما لم يقصد مسافة ، لأنه قال : ويحتمل اشتراط المسافة بعد ذلك لا طلاق النص والفتوى ان نية الإقامة تقطع السفر فيبطل حكم ما سبق كما لو وصل الى وطنه ، وبما قلناه
__________________
(١) الوسائل الباب ١٨ من صلاة المسافر.