بعض محدثي متأخري المتأخرين ـ محل نظر ، قال : «فان بعض الماهيات الكلية تحته افراد تصلح عند العقلاء لأن يتعلق غرض الشارع ببعضها دون بعض ، كحج البيت وغسل الوجه في الوضوء ومسح المخرج بثلاثة أحجار ، ويستهجن عندهم الاقدام على فرد مشكوك فيه من إفرادها من غير سؤال وينسبون فاعله إلى السفه ، وهذا نوع من الإجمال منشأه نفس المعنى لا اللفظ» انتهى كلامه زيد مقامه. وهو وجيه.
المورد الثاني
في المحرمات
و (منها) ـ استقبال القبلة واستدبارها بالبول والغائط على المشهور ، ولكن هل يحرم مطلقا أو في الصحراء خاصة واما في الدور فالأفضل الاجتناب؟ قولان : المشهور الأول ، ونقل الثاني عن ظاهر سلار.
واما مذهب الشيخ المفيد في هذه المسألة فقد اختلف كلام الأصحاب في نقله ، فحكى عنه في المعتبر التحريم في الصحاري والكراهة في البنيان ، وحكى عنه ـ في المنتهى والتذكرة والدروس ـ التحريم في الصحاري ولم يذكروا الكراهة. وقال في المختلف بعد نقل عبارة المقنعة : «وهذا الكلام يعطي الكراهة في الصحاري والإباحة في البنيان» انتهى. ولعل هذا الاختلاف نشأ من اختلاف الأفهام في فهم عبارة المقنعة حيث قال : «ثم ليجلس ولا يستقبل القبلة بوجهه ولا يستدبرها ، ولكن يجلس على استقبال المشرق ان شاء أو المغرب ، إلى ان قال بعد كلام خارج في البين : فان دخل الإنسان دارا قد بني فيها مقعد للغائط على استقبال القبلة أو استدبارها لم يضره الجلوس ، وإنما يكره ذلك في الصحاري والمواضع التي يتمكن فيها من الانحراف عن القبلة» انتهى. وحيث كان صدر عبارته محتملا للحمل على التحريم والكراهة ـ ولفظ الكراهة أيضا في عجز عبارته محتمل لهما ، فإنه كثيرا ما يعبر بالكراهة في مقام