الوضوء لا ينقض إلا بالحدث ـ فقد أورد عليه بان عدم الانتقاض لا يقتضي ترتب جميع ما يترتب على كل وضوء ، بل يقتضي استصحاب ما ثبت ترتبه على ذلك الوضوء وهو متجه.
(المقام الحادي عشر) ـ اختلف الأصحاب (قدس الله أرواحهم) في تداخل الأغسال في النية على أقوال سيأتي تفصيلها ان شاء الله تعالى ، الا أنا قبل الشروع في ذلك نقدم من مجمل التحقيق ما يكون طريقا إلى الخروج من ذلك المضيق.
فنقول : الظاهر ان الحدث ـ الذي هو عبارة عن الحالة المسببة عن أحد الموجبات الممتنع الدخول معها في الصلاة ـ أمر كلي وان تعددت أسبابه من البول والغائط ونحوهما والجنابة والحيض ونحوهما ، ولا يتعدد بتعددها ، والمقصود من الطهارة بأنواعها رفع هذه الحالة ، وملاحظة خصوصية السبب كلا أو بعضا لا مدخل له في ذلك بصحة ولا إبطال فذكره كتركه ، وان الطهارة ـ وضوء كانت أو غسلا ـ لغاية من الغايات متى كانت خالية من المبطل ، صح ترتب ما عدا تلك الغاية من سائر الغايات المشاركة لها على تلك الطهارة وان لم تكن مقصودة حال الفعل ، وهذا في الوضوء واضح كما أسلفنا بيانه في سابق هذا المقام ، واما في الغسل فمبني على أصح القولين ـ وان لم يكن بأشهرهما ـ من رفع ما عدا غسل الجنابة من الأغسال واجبا كان أو مستحبا وعدم احتياجه إلى الوضوء كما ذهب اليه علم الهدى من المتقدمين ، ونهج على منواله طائفة من متأخري المتأخرين ، وعليه دلت أخبار أهل الذكر (سلام الله عليهم) واما على المشهور فيشكل الحكم ، لعدم الرفع ، ولهذا يوجب المانعون نية الأسباب في تداخل الأغسال المستحبة ، لعدم اشتراكها في موجب الرفع ، فلا تداخل بدونه ، وأشكل على بعضهم اندراج غسل الجنابة تحت ما عداه من الأغسال الواجبة ، لعدم رفعه إلا مع الوضوء ، لو نوى ما عدا الجنابة خاصة ، وأشكل على جملة منهم الحكم بالتداخل في الواجب والمستحب للتضاد بين وجهي الوجوب والاستحباب.