الرواية : «قلت : يرد. إلخ» فإن الظاهر ان رد الشعر عبارة عن الغسل منكوسا ، وقوله : «إذا كان عنده آخر» الظاهر ان المراد ممن يتقيه ، فظاهر الخبر انه لا يغسل منكوسا إلا في مقام التقية. وكذلك حكاية غسله (عليهالسلام) في حسنة زرارة وبكير (١) وروايتهما الأخرى (٢) ـ من كونه ابتدأ في غسله من المرفق لا يردها اليه ـ صريح في الوجوب.
وما يتناقل في أمثال هذه المقامات ـ من انه إذا قام الاحتمال بطل الاستدلال ـ فكلام شعري جدلي لا يعتمد عليه عند التحقيق ، فان مدار الاستدلال في جميع الموارد مع عدم النص على الظواهر. نعم ربما يخرج عنه إلى التأويل لضرورة الجمع بين الأدلة متى تعارضت على وجه لا يمكن تطبيقها إلا بارتكاب جادة التأويل.
واما إطلاق الآية هنا فهو مخصوص بهذه الأخبار ، كما هو القضية الجارية في جميع إطلاقات الكتاب وعموماته ومجملاته ، على انه لو ورد ما يخالف هذه الأخبار لوجب حمله على التقية ، لأن عمل المخالفين على الابتداء من الأصابع (٣).
(الثاني) ـ الظاهر انه لا خلاف بين الأصحاب (نور الله تعالى مضاجعهم) في وجوب غسل المرفق هنا ، انما الخلاف في كونه أصالة أو من باب المقدمة ، وتظهر الفائدة في وجوب غسل جزء من العضد لو قطعت اليد من المرفق ، كما سيأتي بيانه ان شاء الله تعالى.
وأنت خبير بان الظاهر انه لا دلالة في الآية هنا على شيء من الدخول وعدمه ، لوقوع الخلاف في الغاية دخولا وخروجا وتفصيلا.
__________________
(١ و ٢) المروية في الوسائل في الباب ـ ١٥ ـ من أبواب الوضوء.
(٣) في تفسير مفاتيح الغيب للرازى ج ٣ ص ٣٧٠ جعل من السنة الابتداء من الأصابع ونسبه إلى جمهور الفقهاء ، وكذا في (الفقه على المذاهب الأربعة) ج ١ ص ٦٧ وفي بدائع الصنائع ج ١ ص ٢٢.