حتى اجتمع من ذلك جبل عظيم ، قال : فمر بهم رجل صالح وإذا امرأة وهي تفعل ذلك بصبي لها ، فقال : ويحكم اتقوا الله ولا تغيروا ما بكم من نعمة ، فقالت له : كأنك تخوفنا بالجوع ، اما ما دام ثرثارنا يجري فإنا لا نخاف الجوع. قال فأسف الله وأضعف لهم الثرثار وحبس عنهم قطر السماء ونبت الأرض ، فاحتاجوا إلى ذلك الجبل ، وانه كان ليقسم بينهم بالميزان». ويدل على ذلك الأخبار المستفيضة بإكرام الخبز والنهي عن إهانته.
واما ما عداه من المطعوم فاستدل عليه بان طعام الجن منهي عنه ، فطعام أهل الصلاح بطريق اولى. ولا يخفى ما فيه.
وظاهر بعض محدثي متأخري المتأخرين تخصيص التحريم هنا بالخبز خاصة.
نعم يدل على ذلك ما رواه في كتاب دعائم الإسلام (١) قال : «نهوا (عليهمالسلام) عن الاستنجاء بالعظام والبعر وكل طعام ...». إلا ان الكتاب المذكور لم يثبت الاعتماد على مصنفه وان كان قد ذكره شيخنا المجلسي (قدسسره) في كتاب البحار ونقل عنه ما تضمنه من الاخبار ، إلا انه قال ـ بعد ذكر مصنفه وبيان بعض أحواله ـ ما صورته : «واخباره تصلح للتأييد والتأكيد» انتهى.
واما المحترم كالتربة المشرفة فلا ريب في وجوب إكرامها وتحريم إهانتها من حيث كونها تربته (عليهالسلام) بل لا يبعد ـ كما ذكره بعض أصحابنا ـ الحكم بكفر المستعمل لها من تلك الحيثية.
__________________
والأضعاف هو جعل الشيء ضعيفا أو مضاعفا ، ولعل الأول أظهر إلا ان الثاني انسب بكلام المرأة وقوله (عليهالسلام) : «لهم» دون «عليهم» وذلك لأنهم لما اعتمدوا على النهر ضاعف الله لهم النهر ، وحبس عنهم القطر والزرع ليعلموا ان النهر لا يغنيهم عن الله تعالى وان الاعتماد على الله» انتهى (منه رحمهالله).
(١) ج ١ ص ١٢٨.