و (اما الثاني) (١) فقد عرفت ما فيه مما قدمناه (٢) والعجب منه (قدسسره) في دعوى استفاضة حديث «خلق الله الماء طهورا.» مع ما عرفت من انه لم يثبت من طرقنا لا مسندا ولا مرسلا ، وكأنه اغتر بكلام صاحب المدارك هنا ، حيث انه صرح باستفاضته أيضا في مقالة تنجس الماء بتغير أحد أوصافه الثلاثة ، حيث قال بعد الحكم المذكور : «والأصل فيه الأخبار المستفيضة كقوله (صلىاللهعليهوآله) : خلق الله الماء طهورا. إلخ» إلا ان فيه انه وان وصفه هنا بذلك لكنه ـ بعد ذلك في مقالة نجاسة البئر بالملاقاة ، حيث أنكر ورود نجاسة الماء بالتغير اللوني ـ طعن في الخبر المذكور بأنه عامي مرسل ، كما قدمنا الإشارة إليه عن جملة من الأصحاب (٣).
و (اما الثالث) (٤) ففيه انه لا منافاة بين تنجسه وحصول التطهير به في حال واحد ، ولا استبعاد في ذلك إذا اقتضته الأدلة الشرعية.
وتحقيق ذلك ان أقصى ما يستفاد من الاخبار هو عدم جواز التطهير بما تنجس قبل ارادة التطهير به لا بما تنجس بسبب التطهير به. وبهذه المقالة صرح جمع من فحول المحققين منهم : المولى الأردبيلي والمحقق الخوانساري وشيخنا صاحب رياض المسائل وحياض الدلائل والفاضل المتأخر الخراساني ، ومنهم : والدي (نور الله مراقدهم وأعلى في الفردوس مقاعدهم) واستبعاد ذلك مدفوع بوجود النظير ، فإنهم صرحوا بوجود طهارة أحجار الاستنجاء وان النجس منها لا يطهر ، مع انها حين الاستعمال تنجس بمجرد ملاقاة النجاسة ، ولا يكون ذلك مانعا من حصول التطهير بها. وايضا خروج الماء المستعمل في الطهارة الكبرى عن الطهورية ـ على تقدير القول به ـ إنما هو بسبب
__________________
(١ و ٤) المتقدم في الصحيفة ٣٠٢.
(٢) في الصحيفة ٢٩٣ السطر ١٨.
(٣) في الصحيفة ١٨٠ وقد تقدم في التعليقة ٢ من هذه الصحيفة ما يفيد في المقام.