وظاهر كلام المستدل هنا ان الاستصحاب المذكور من قبيل القسم الثالث المذكور هناك الذي هو عبارة عن إطلاق النص ، دون القسم الرابع الذي هو محل النزاع ، وهذا الموضع أحد المواضع التي أشرنا هناك الى الشك والتردد في اندراجها تحت القسم الثالث أو الرابع من تلك الأقسام.
وتحقيق القول في ذلك ان يقال : إذا تعلق حكم بذات لأجل صفة ـ كالماء المتغير بالنجاسة والماء المسخن بالشمس والحائض أي ذات دم الحيض ـ فهل يحكم ـ بمجرد زوال التغير وزوال السخونة وانقطاع الدم ـ بخلاف الأحكام السابقة ، أو يحكم بإجراء الأحكام السابقة إلى ظهور نص جديد؟ إشكال ، ينشأ من ان الحكم في هذه النصوص ـ الواردة في هذه الأفراد المعدودة ونحوها ـ محتمل لقصره على زمان وجود الوصف ، بناء على ان التعليق على الوصف مشعر بالعلية. وان المحكوم عليه هو العنوان لا الفرد وقد انتفى ، وبانتفائه ينتفي الحكم ـ ومحتمل للإطلاق ، بناء على ان المحكوم عليه انما هو الفرد لا العنوان ، والعنوان إنما جعل آلة لملاحظة الفرد ، فمورد الحكم حقيقة هو الفرد. فعلى الاحتمال الأول يكون من القسم الرابع ، فان تغير الماء هنا بالنجاسة نظير فقد الماء في مسألة المتيمم الداخل في الصلاة ثم يجد الماء ، وكما ان وجود الماء هناك حالة أخرى مغايرة للأولى ، فتعلق النص بالأولى لا يوجب استصحابه في الثانية لمكان المخالفة ، فكذا هنا زوال الوصف حالة ثانية مغايرة للأولى لا يتناولها النص المتعلق بالأولى. وعلى الاحتمال الثاني يكون من قبيل القسم الثالث وهو الذي ذكره السيد (قدسسره) في المدارك ، واليه جنح ايضا المحدث الأمين الأسترآبادي (قدسسره) في تعليقاته على المدارك. وبالجملة فالمسألة لا تخلو من شوب الاشكال. والله سبحانه العالم بحقيقة الحال.
(المسألة الخامسة) ـ لو جمد الكثير ثم أصابته نجاسة بعد الجمود فالظاهر ـ كما استظهره بعض المحققين ـ النجاسة في خصوص موضع الملاقاة كسائر الجامدات ،