و (منها) ـ ما رواه في الفقيه في باب الشقاق. في الصحيح عن ابن ابي عمير عن هشام بن الحكم : «انه تناظر هو وبعض المخالفين في الحكمين بصفين : عمرو ابن العاص وأبي موسى الأشعري ، فقال المخالف : ان الحكمين لقبولهما الحكم كانا مريدين للإصلاح بين الطائفتين. فقال هشام : بل كانا غير مريدين للإصلاح بين الطائفتين. فقال المخالف : من اين قلت هذا؟ قال هشام : من قول الله تعالى في الحكمين : «إِنْ يُرِيدا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُما» (١) فلما اختلفا ولم يكن بينهما اتفاق على أمر واحد ولم يوفق الله بينهما. علمنا انهما لم يريدا الإصلاح.».
ولا ريب ان هشاما من أجلاء ذوي الأفهام ورؤساء علماء الكلام ، ولهذا ان خصمه سلم اليه ولم يمكنه الرد عليه.
والعجب هنا من المحدث الشيخ محمد بن الحسن الحر العاملي (طاب ثراه) في كتاب الفوائد الطوسية ، حيث بالغ في إنكار حجية مفهوم الشرط. وأورد جملة من الآيات القرآنية دالة على عدم جواز اعتبار مفهوم الشرط. مع ورود ما سردناه من الاخبار الدالة على ذلك بأوضح دلالة ، وانه قد تقرر ـ عند القائلين بحجيته ـ ان اعتبار المفهوم إنما يصار إليه إذا لم يكن للتعليق على الشرط فائدة سوى الانتفاء بانتفائه ، وما أورده من الآيات كلها من ذلك القبيل. هذا.
واما ما ذكروه ـ من الملازمة بالنسبة الى مقدمة الواجب وكذلك استلزام الأمر بالشيء النهي عن ضده الخاص ـ فلم نقف له في الاخبار على اثر ، مع ان الحكم في ذلك مما تعم به البلوى. وقد حققنا ـ في كتاب الدرر النجفية في مسألة البراءة الأصلية ، وأشرنا الى ذلك ايضا هنا في المطلب الأول من المقام الثالث ـ ان التمسك بالبراءة الأصلية فيما تعم به البلوى من الأحكام بعد تتبع الأدلة وعدم الوقوف على ذلك
__________________
(١) سورة النساء. آية ٣٦.