فيها حجة واضحة ، ولو كان الأمر كما ذكروا ، لورد عنهم (عليهمالسلام) النهي عن أضداد الواجبات من حيث هي كذلك بالنسبة إلى مسألة استلزام الأمر بالشيء النهي عن ضده الخاص. والتالي باطل. على انه لا يخفى ما في القول بذلك من الحرج المنفي بالآية والرواية كما صرح به شيخنا الشهيد الثاني (١) وحينئذ فيكون داخلا في باب «اسكتوا عما سكت الله عنه» (٢).
تتميم نفعه عميم
جمهور الأصوليين من أصحابنا وغيرهم على حجية قياس الأولوية ومنصوص العلة ، ومثلوا للأول بدلالة تحريم التأفيف في الآية على تحريم أنواع الأذى الزائدة عليه. وسماه بعضهم بالقياس الجلي ، وأنكره المحقق وجمع من الأصحاب ، واختلفوا في وجه التعدية في الآية ، فذهب بعض إلى انه من قبيل دلالة المفهوم وهو مفهوم الموافقة كما تقدم تحقيقه ، وقيل انه منقول عن موضوعه اللغوي إلى المنع من أنواع الأذى ، لاستفادة ذلك المعنى من اللفظ من غير توقف على استحضار القياس ، وهو اختيار المحقق.
ويدل على عدم حجيته من الاخبار ما رواه الصدوق في كتاب الديات (٣) عن ابان (٤) قال : «قلت لأبي عبد الله (عليهالسلام) ما تقول في رجل قطع إصبعا من أصابع المرأة كم فيها؟ قال عشرة من الإبل. قلت : قطع اثنين : قال عشرون
__________________
(١) قال (قدسسره) ـ بعد الكلام في المسألة ـ ما صورته : لو كان كذلك لم يتحقق السفر إلا لأوحدي الناس ، لمصادمته غالبا لتحصيل العلوم الواجبة ، وقلما ينفك الإنسان عن شغل الذمة بشيء من الواجبات الفورية. مع انه على ذلك التقدير موجب لبطلان الصلاة الموسعة في غير آخر وقتها. ولبطلان النوافل اليومية وغيرها. انتهى (منه رحمهالله).
(٢) الذي قد تضمنته خطبة أمير المؤمنين (عليهالسلام) المروية في الفقيه في باب (نوادر الحدود) المتقدمة في صحيفة (٥٠) وغيرها من الروايات.
(٣) في باب (الجراحات والقتل بين الرجال والنساء) وفي الوسائل في باب ـ ٤٥ ـ من أبواب ديات الأعضاء من كتاب الديات.
(٤) ابن تغلب.