فشهد رسول الله صلىاللهعليهوسلم بعض هذه الأيام مع عمه أبي طالب ، وكان قائد قريش حرب بن أمية بن عبد شمس ، وهي خمسة أيام ، وقيل ستة أيام في أربع سنين.
وكان آخر أمرهم أن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس ، خرج في آخر الوقعات مع حرب بن أمية ـ وكان في حجره ـ فمنعه من الخروج لما رآه ، وقال : «ما أتى بك؟!». فاقتاد راحلته ، وتقدم من أول الناس ، فلم يدر به حرب إلا وهو في العسكر.
قال حكيم بن حزام (١) : «فنزلنا بعكاظ ، ونزلت هوازن بجمع كثير ، فلما أصبحنا ركب عتبة جملا ، ثم صاح في الناس : يا معشر مضر!! علام تقتّلون (٢) بينكم؟ ـ هلموا إلى الصلح. فقالت هوازن : وماذا تعرض؟!. قال : أعرض على أن أعطي دية من أصيب. قالوا : ومن أنت؟!. قال : عتبة بن ربيعة بن عبد شمس /. قالوا : قد قبلنا.
فاصطلح الناس ، ورضوا بما قال عتبة ، وأعطوهم أربعين رجلا رهاين من فتيان قريش وكنت فيهم. فلما رأت بنو عامر أن الرهن صار في أيديهم ، رغبوا في العفو ، فأطلقوهم».
قال الزبير (٣) : «سمعت عبد الرحمن بن عبد الله يقول : لم يسد مملق قطّ إلا عتبة بن ربيعة ، وأبو طالب ، فإنهما سادا بغير مال» ـ انتهى.
فهذا اللطف الذي حصل ، إنما هو ببركته صلىاللهعليهوسلم.
__________________
(١) سبقت ترجمته رضياللهعنه. وانظر : مسند الإمام أحمد ٤٠١ ـ ٤٠٣ / مسند حكيم بن حزام ، الذهبي ـ سير أعلام النبلاء ٣ / ٤٤ ـ ٥١.
(٢) في (أ) ، (د) «تقاتلون». والاثبات من (ب) ، (ج).
(٣) أي الزبير بن بكار.