الإنسان إلى كل ذلك
إلا الشخص الذي تنعكس من خلاله فيوضات السماء ، ويكون حلقة الوصل بين عالمي الغيب
والشهادة ، المصان المسدد من وحي السماء ، فلا مانع من ظهور الكرامة على يديه ،
تأييداً أو إبرازاً لمقامه ومنصبه المرتبط بعالم الغيب. وبعد هذا الإيضاح توصلنا
إلى تعريف الكرامة ، وهي :
«أن يظهر الله تعالى على يدي ولي من الأولياء
شيئاً يخالف العادة» .
وسميت بالكرامة ؛ لأنّها مشتقة من
كَرُمَ. والتكريم والتعظيم والتنزيه والتشريف ، كل هذه الألفاظ يشتركن في مدلول
واحد ، وهو أنّ الله تعالى يُكرِّم العبد الصالح بما يُظهره على يده ، أو عند قبره
بما يخرق به العادة ، وما يسهله من الأمور الصعبة وإن لم تكن خارقة للعادة : كشفاء
المرض وتعجيل البرء ، وإعطاء الأماني وما شاكل ذلك ، حتى تصل إلى حد الإعجاز ، فكل
هذه الكرامات التي يكرم الله تعالى بها الأولياء والبررة الأتقياء ، وكل مقدور لله
فهو ممكن.
إذن ، فالكرامة كالمعجزة في الشكل
والصورة والتأثير على الطبيعة ، فما هو الفرق بينهما؟
يمكن التفريق بينهما
بما يلي :
١ ـ أنّ المعجزة أمر خارق للعادة يقترن
بإدعاء النبوة ، بخلاف الكرامة ، فإنّها ليست مقرونة بهذا الإدعاء ، أي أنّ
المعجزة والكرامة كلاهما أمر إلهي ، لكنّه إن صدر من عبد صالح من دون إدعاء يقال
له : كرامة. وإن كان مقترناً للإدعاء يقال له : معجزة. إذن ، فالمعجزة في حالة
الإدعاء للنبوة أو الإمامة ـ باعتبارهما دليل إلهي لإتمام الحجة على الناس ،
وإثبات مقامهما
__________________