فلتسمع الأجيال ولتستيقظ الإنسانية ، على صوت الرّجاف الذي ينبعث من أعماق الرّجم ومن وراء القبور ، حياً جيّاشاً ينفذ إلى الأعماق فتستعر له الضمائر ، وينثال إلى مواطن الشعور فيحيا به الوجدان ، وعلى نبرات مثل هذا الصوت فقط ، يتأتى للإنسانية أن تغسل آثامها وتخلص من أدرانها وتتطهر من أرجاسها ، حتى تعود إنسانية كما أرادتها الشرائع واحتفلت بها الأديان. وحتى تكون إنسانية عمادها المثل العليا والفضائل الصالحة والخير المطلق وإحقاق الحق ، فإنّ لهذه الخصال وحدها ضَحّى الحسين عليه السلام» (٤٩١).
هذه بعض المقتطفات التي ذكرها الشيخ العلايلي (ره) من دراسته لشخصية الحسين عليه السلام ونهضته المباركة.
٢ ـ الأديب الكبير بولس سلامه (٤٩٢).
لقد أبرز مرئياته ودراسته حول الحسين عليه السلام ونهضته المباركة ، من خلال مقدمته لملحمته (عيد الغدير) ، مع العلم بأنه مسيحي العقيدة ؛ إلا أنّ حرية
__________________
(٤٩١) ـ المصدر السابق / ٩٠ ـ ٩١.
(٤٩٢) ـ بولس يوسف سلامة ، أديب لبناني ، واسع المعرفة ، من الرعيل الأول من أدباء العرب ، ولد في قرية (بتدين اللقش) ، قضاء جزين (لبنان الجنوبي) ، سنة (١٩٠٢ م) ، درس في مدرسة قريته ، ثم دخل مدرسة الأخوة المريمين في صيدا سنة (١٩١٣ م) ، لم تكتمل السنة المدرسية حتى وقعت الحرب العالمية الأولى ، فانقطع عن الدرس حتى سنة (١٩١٨ م) ، ثم دخل مدرسة الحكمة ، ثم مدرسة الفرير في صيدا وجونيه ، فكان مجموع سني الدراسة في هذه الفترة ثلاث سنوات ، ثم دخل بعدها مدرسة الحقوق الفرنسية في بيروت ، ونال شهادة (الليسانس) ، وقد تدرج في المحاماة زهاء سنتين ، ثم انخرط في سلك القضاء مدة خمس عشرة سنة. وقد نظم بين سنة (١٩٤٦ م) ، وسنة (١٩٤٨ م) ، أروع مطولاته التي طبعت في كراريس على حده ، وهي : علي والحسين ، وفلسطين وأخواتها ، والأمير بشير. أما آياته ؛ فهي ملحمة (عيد الغدير) ، أو ملحمة عربية تنطوي على ثلاثة آلاف وخمسمائة بيت من الشعر الرفيع ، وتناول أهم نواحي التاريخ الإسلامي. أصيب بناسور في العمود الفقري منذ سنة (١٩٣٦ م) ، وبقي على فراش المرض منذ سنة (١٩٤٢ م) ، حتى وافاه الأجل عام (١٩٧٩ م).