وتحت جزين المغارة المعروفة التي هلك فيها الأمير قرقماز المعني ، كما قبض فيها أحمد باشا الكوچك على ولده الأمير فخر الدين المعني الذي كان مختبئا فيها عند أفول شمس عزه.
أما التشيع في جزين وإقليمها فإنه قديم وحسبك دليلا على قدمه انتساب عبد الله بن أيوب العاملي الجزيني إليها ، وهو من رجال المائة الثانية للهجرة ومن المنقطعين إلى الإمام علي بن موسى الرضى عليهالسلام ، وهو من الشعراء. وعده ابن شهر آشوب من شعراء أهل البيت (١). وكانت الرحلة للعلم العاملي. بل رحلة طلاب العلم من كل حدب وصوب ، وما زالت دار العلم إلى عهد الكاتب (٢) ، أما تقلص ظل الشيعة من هذا البلد فلا يمتد إلى أكثر من قرن ، وسببه مزاحمة مساكنيهم من غير أبناء ملتهم لهم على مساكنهم التي ابتدأت من عهد إمارة فخر الدين المعني وابن أخيه الأمير أحمد ، والحرب التي كانت سجالا بين العامليين والشوفيين ، وقضاء الجزار والأمير بشير على النفوذ الشيعي ، وبعد أن كان ذلك الإقليم معمورا بالشيعة أصبح عددهم في هذه الأيام لا يزيد على ألفي نسمة ، وأما جزين فقد أصبحت بلدا مسيحيا محضا منذ ثمانين عاما تقريبا (٣).
وأما الشهيد الأول فقد ذكرنا نبذة من ترجمته في التعليق على برج يالوش ، وأما ذريته فالشائع أنهم أسرة شمس الدين المعروفة في جبل عامل بالعلم ، وقد انتسب إلى هذا البلد من أقطاب العلم ما يضيق بعدّ أسمائهم صدر هذا التعليق.
__________________
(١) ابن شهر آشوب : معالم العلماء. طبع النجف ١٣٨٠ ه ص ١٥٢. وابن شهر آشوب من أعلام الشيعة في القرن السادس للهجرة.
(٢) يوسف البحراني في الكشكول عن الأنصاري المهاجر العاملي ١ : ٤٣٠ حيث يقول : «جزين بلد الشهيد الأول وبها ذريته في هذا العصر وهم أهل صلاح وعلم» ووفاة الشيخ البحراني عام ١١٨٦ ه / ١٧٧٢ م.
(٣) أي عام ١٨٣٩ م.