المقدمة الأولى
صابر جبل عامل المحن ، وثبت على نوائب الزمن ، مدافعا عن عمرانه ، مستبقيا على سكانه بشم جباله ، وشمم رجاله ، ومنعة معاقله وصياصيه ، وإباء بنيه ووحدة مذهب ساكنيه.
كان رقعة مغمورة من رقاع سورية ، مندمجا في الأعمال ، مستتبعا ما يقرب إليها من قواعد الولايات ، حيث لم يكن له وجود سياسي مستقل ، فكان يتبع منها ما يراه في تقسيمها الولاة. فكان تارة جزءا من عمل فلسطين أو الأردن ، وطورا من عمل بانياس ووادي التيم ، وآونة من عمل صيدا. ولم يكن معروفا باسم جبل عامل أو جبال بني عاملة على أنه عمل مستقل إلا في القرون الأخيرة.
عرف في عهد الدولة الصلاحية بجبل عاملة وجبل الخيل ، على رواية الكامل (١) ، أو الخليل (بالخاء المعجمة الفوقية) ، وعرفه قبل ذلك قدماء المؤرخين والجغرافيين كاليعقوبي في أعلاقه المطبوع في أوروبا حيث قال «وجبل الجليل (بالجيم) وأهلها قوم من عاملة» (٢) ، وياقوت في معجمه ذكر
__________________
(١) ابن الأثير ، أبو الحسن علي : الكامل في التاريخ. المطبعة الأزهرية المصرية ١٣٠١ و/ ١٨٨٤ م ، ١٢ : ٦٠ (حوادث سنة ٥٩٣).
(٢) اليعقوبي ، أحمد بن أبي يعقوب : كتاب البلدان. المكتبة المرتضوية ومطبعتها الحيدرية. النجف الأشرف ـ ١٩٣٩ ، ص ٨٥.