وفي بعض الأخبار (١) : «فارضوا به حكما ، فإني قد جعلته عليكم حاكما فإذا حكم بحكمنا فلم يقبل منه ، فإنما بحكم الله استخف ، وعلينا رد ، والراد علينا راد على الله ، وهو على حدّ الشرك بالله عزوجل».
(فمن عدل عنه إلى قضاة الجور كان عاصيا) فاسقا لأن ذلك كبيرة عندنا ، ففي مقبول عمر بن حنظلة السابق (٢) : «من تحاكم إلى طاغوت فحكم له فإنما يأخذ
______________________________________________________
(١) وهو مقبولة عمر بن حنظلة المتقدمة (١) ، وأيضا قد نقله بالمعنى لاختلاف بعض ألفاظه.
(٢) ففي مقبولة عمر بن حنظلة (سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن رجلين من أصحابنا بينهما منازعة في دين أو ميراث فتحاكما إلى السلطان وإلى القضاة ، أيحلّ ذلك؟ قال : من تحاكم إليهم في حق أو باطل فإنما تحاكم إلى الطاغوت ، وما يحكم له فإنما يأخذ سحتا وإن كان حقا ثابتا له ، لأنه أخذه بحكم الطاغوت ، وقد أمر الله أن يكفر به ، قال تعالى : يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ، قلت : كيف يصنعان؟ قال : ينظران من كان منكم ممن قد روى حديثنا ونظر في حلالنا وحرامنا) (٢) إلى آخر ما تقدم نقله سابقا.
ومثلها خبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليهالسلام (في رجل كان بينه وبين أخ له مماراة في حق فدعاه إلى رجل من اخوانه ليحكم بينه وبينه فأبى إلا أن يرافعه إلى هؤلاء كان بمنزلة الذين قال الله عزوجل : ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت ، وقد أمروا أن يكفروا به) (٣) ، ومقتضى الأخبار حرمة التحاكم إليهم إذا كانت الخصومة بين مؤمنين وإن حكموا بالعدل وكان حقه ثابتا كما هو صريح مقبولة ابن حنظلة ، وظاهرها حرمة التحاكم سواء كان الحق عينا أو دينا فما عن البعض من التفصيل بين العين والدين بجوازه في الأول دون الثاني لاحتياجه إلى إعمال من الحاكم الجائر لتشخيص الدين في مال الخصم ليس في محله ، نعم إذا كان الخصم مخالفا وأبى إلا الترافع إلى قضاة الجور عندهم جاز عند التقية لخبر عطاء بن السائب عن علي بن الحسين عليهماالسلام (إذا كنتم في أئمة الجور فامضوا في أحكامهم ولا تشهروا أنفسكم فتقتلوا ، وإن تعاملتم بأحكامنا كان خيرا لكم) (٤).
__________________
(١) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من أبواب صفات القاضي حديث ١.
(٢) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من أبواب صفات القاضي حديث ١.
(٣) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب صفات القاضي حديث ٢.
(٤) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب صفات القاضي حديث ٧.