والعقل (١) والذكورة (٢) ...
______________________________________________________
ـ حكم بحكمنا فلم يقبل منه فإنما استخفّ بحكم الله وعلينا رد ، والرادّ علينا الراد على الله وهو على حد الشرك بالله) (١).
ومقتضى هذه الأخبار اشتراط الاجتهاد في القاضي ، لأن معرفة الحلال والحرام والأحكام الناشئة من النظر في الأحاديث هي عين الاجتهاد ، غايته أن الاجتهاد في عصر النص وما يقرب منه كان ضعيف المئونة بحيث كان يكفيه النظر في الأحاديث بخلاف الاجتهاد في العصور المتأخرة فإنه متوقف على أصول الفقه فضلا عن الحديث.
ومقتضى الإطلاق في هذه الأخبار الشمول للمتجزئ هذا من جهة ومن جهة أخرى ما قيل من أنه يكفي في القضاء الاطلاع على جميع ما يتعلق بتلك الواقعة ولو كان بالتقليد بحيث إذا حكم بما عنده ولو من التقليد لكان حكما بالعدل والحق ، والحكم بالعدل والحق هو الغاية من القضاء قال تعالى : (إِنَّ اللّٰهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمٰانٰاتِ إِلىٰ أَهْلِهٰا وَإِذٰا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النّٰاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ) (٢) وقال تعالى : (يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوّٰامِينَ بِالْقِسْطِ) (٣) ، وقال تعالى : (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمٰا أَنْزَلَ اللّٰهُ فَأُولٰئِكَ هُمُ الْفٰاسِقُونَ) (٤) كما في آية أو (فَأُولٰئِكَ هُمُ الْكٰافِرُونَ) (٥) كما في آية أخرى أو (فَأُولٰئِكَ هُمُ الظّٰالِمُونَ) (٦) كما في آية ثالثة.
ففيه : إن هذه الآيات مقيّدة بتلك الأخبار الدالة على الاجتهاد في القاضي على أن التفات غير المجتهد إلى جميع المزايا والدقائق والخصوصيات المتعلقة بالوقائع وما فيها من الأحكام في غاية البعد بل قريب من المحال. هذا واعلم أن القاضي والمفتي والمجتهد والفقيه ألفاظ أربعة تدل على المجتهد إلا أن الاختلاف بالاعتبار ، فالمجتهد سمي قاضيا باعتبار حكمه على الأفراد بالأحكام الشخصية المتعلقة بالموضوعات المتنازع عليها لرفع التنازع بينهم ، وسمي مفتيا باعتبار إخباره عن الحكم الشرعي الكلي ، وسمي فقيها لأنه عالم بالأحكام الشرعية الفرعية عن أدلتها التفصيلية.
(١) بلا خلاف فيه لسلب عبارة الصبي والمجنون ، ولانصراف الأخبار المتقدمة عنهما.
(٢) فلا يصح قضاء المرأة ، لانصراف الأخبار المتقدمة منها للتقييد بالرجل في خبري أبي ـ
__________________
(١) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من أبواب صفات القاضي حديث ١.
(٢) سورة النساء ، الآية : ٥٨.
(٣) سورة النساء ، الآية : ١٣٥.
(٤ و ٥ و ٦) سورة المائدة الآية : ٤٧ و ٤٤ و ٤٥.