.................................................................................................
______________________________________________________
ـ غاية التشويش والاضطراب بل قال الشارح في المسالك : (قد اضطرب فتوى الأصحاب في هذه المسألة اضطرابا عظيما ، حتى من الرجل الواحد في كتاب واحد) ، والعمدة على الدليل فتقول : إن الكلام تارة في الوقف المؤبد وأخرى في المنقطع ، أعني منقطع الآخر ، والأول على قسمين فتارة يكون ملكا للموقوف عليهم وأخرى لا يكون ملكا لأحد بل يكون فك ملك نظير تحرير الرقبة كالأوقاف العامة مثل المدارس والخانات والمساجد.
فالثاني لا يجوز بيعه بلا خلاف لعدم الملك لأحد ، بل هو ملك لله جل وعلا ، نعم للمسلمين حق الانتفاع في المساجد وكذا المسافرين في الخانات والطلاب في المدارس وهكذا ، إلا إذا ذهبت عينه فيبطل الوقف لانتفاء موضوعه إلا في المساجد فتبقى عرصته وأرضه محكومة بالمسجدية بحيث لا يجوز تنجيسها ويجب تطهيرها.
وأما لو خرب الوقف بحيث لا يمكن الانتفاع به مع بقاء عينه فعن الشيخ الأعظم وجماعة جواز البيع لانصراف أدلة منع بيع الوقف عنه ، وفيه : إنها غير مسموعة لأنه انصراف ناشئ من قلة الوجود لا من كثرة الاستعمال في غيره. واستدل لجواز البيع بأن العين الموقوفة هي محبوسة ما دام يمكن الانتفاع بها ، فإذا بطل الانتفاع بها فهي محبوسة بماليتها دون شخصها فتبدل بعين أخرى مكانها ، ولازمه أن البدل وقف لا يحتاج إلى صيغة لأن المال بحسب الفرض محبوس.
وفيه : إنه استحسان محض فلا بد من التمسك بإطلاق أدلة منع بيع الوقف ، ومنه تعرف الحكم بعدم جواز بيع الوقف الذي قلّ نفعه بحيث يلحق بالعدم عرفا.
والأول يجوز بيعه إذا وقع اختلاف بين أربابه الموقوف عليهم ، بحيث لا يؤمن مع هذا الاختلاف من إتلاف النفوس والأموال ، لمكاتبة ابن مهزيار (كتبت إلى أبي جعفر الثاني عليهالسلام : إن فلانا ابتاع ضيعة وجعل لك من الوقف الخمس ـ إلى أن قال ـ كتبت إليه : أن الرجل ذكر أن بين من وقف عليهم هذه الضيعة اختلافا شديدا ، وأنه ليس يأمن أن يتفاقم ذلك بينهم بعده ، فإن كان ترى أن يبيع هذا الوقف ويدفع إلى كل إنسان منهم ما وقف له من ذلك أمرته ، فكتب إليه بخطه وأعلمه أن رأيي له : إن كان قد علم الاختلاف ما بين أصحاب الوقف أن يبيع الوقف أمثل ، فإنه ربما جاء في الاختلاف تلف الأموال والنفوس) (١).
ويجوز بيعه فيما لو شرط الواقف بيعه عند حدوث أمر من قلة نفعه أو احتياج الموقوف ـ
__________________
(١) الوسائل الباب ـ ٦ ـ من أبواب الوقوف والصدقات حديث ٦.