لأنها تمك الفاجر عنها ، أي : تخرجه ، [أو : لأنها تجهد] أهلها من قولهم : تمككت العظم إذا أخرجت مخه ، والتمكك الاستقصاء ؛ أو لأنها تجذب الناس إليها ، أو لقلة مائها ، أو لأنها تمك الذنوب أي تمحقها.
وتسمى بكة : لأنها تبك أعناق الجبابرة ، أو لازدحام الناس فيها ، والبك : الزحام.
وأم القرى : لأن الأرض دحيت من تحتها ، قاله ابن عباس ، أو لكونها قبلة يؤمها الناس ، أو لأنها أعظم القرى شانا ، أو لأن فيها بيت الله تعالى ، وجرت العادة بأن الملك وبيته وبلده مقدمون على غيرهم ، وأصل لهم.
والسلام كذلك ، والقرية ، والبلد ، والبلدة ، ومعاد ـ بفتح الميم ـ ، والوادي ، وهذه الثمانية في القرآن ، وأسماؤها كثيرة ، قال النووي رحمهالله تعالى : لا يعلم بلد أكثر أسماء من مكة والمدينة ؛ لكونهما أفضل بقاع الأرض. وقد ذكر منها ابن ظهيرة ما يقارب الخمسين ونيفا ، ونظم منها القاضي بن الضياء من الحنفية ما ينوف على ثلاثين فقال :
لمكة أسماء ثلاثون عدّت |
|
ومن بعد ذاك اثنان منها اسم بكة |
صلاح ، وكوثي ، والحرام وقادس |
|
وحاطمة ، البلد ، العريش ، بقرية |
ومعطشة ، أم القرى رحم باسّة |
|
ونساسه رأس بفتح الهمزة |
مقدسة ، والقادسية ، ناسة |
|
ورأس رتاج أم كوثي كبرة |
سبّوحة عرش أم رحمن عرشنا |
|
كذا حرم البلد الأمين كبلدة |
كذاك اسمها البلد الحرام لأمنها |
|
وبالمسجد الأسنى الحرام تسمّت (١) |
__________________
(١) البحر العميق في مناسك المعتمر والحاج إلى بيت الله العتيق.