[١٣٢] [حكمة تسويد الحجر] :
تعليقة : أكثر ما ذكره في حكمة تسويده بالخطايا أنه للاعتبار ؛ وليعلم أن الخطايا إذا أثرت في الحجر فتأثيرها في القلوب أعظم وأوقع ، فوجب لذلك أن تجتنب.
وروي عن ابن عباس رضياللهعنهما : إنما غير بالسواد ؛ لئلا ينظر أهل الدنيا إلى زينة الجنة.
قال المحب الطبري : إن صحّ هذا فهو الجواب (١) ، قال ابن حجر : أخرجه الجندي في فضائل مكة بإسناد ضعيف.
ثانية : قال السهيلي : الحكمة في كون خطايا بني آدم سودته دون غيره من حجارة الكعبة : أن العهد الذي هو الفطرة التي فطر الناس عليها من توحيد الله ، فكل مولود يولد على الفطرة ، فلو لا أن أبويه يهوّدانه وينصّرانه ويمجّسانه حتى يسود قلبه بالشرك ، لما حال العبد من العهد ، فقد صار ابن آدم محلا لذلك العهد والميثاق ، وصار الحجر لما كتب فيه من ذلك العهد والميثاق ، فتنافسا ، فاسودّ من الخطايا قلب ابن آدم بعد ما كان أبيض لما ولد عليه من ذلك العهد ، واسود الحجر بعد بياضه ، وكانت الخطايا سببا في ذلك حكمة من الله.
ثالثة : اعترض بعض الملحدين على الحديث المتقدم فقال : إذا سوّدته الخطايا ينبغي أن تبيضه الطاعات.
وأجاب ابن قتيبة عن ذلك : بأنه لو شاء الله لكان ، ثم قال : أما علمت أيها المعترض أن السواد يصبغ به ولا ينصبغ ، والبياض ينصبغ ولا يصبغ به. ا ه.
__________________
(١) انظر القرى لقاصد أم القرى ص ٢٩٥.