ابن الزبير فتنكر لمحمّد بن الحنفيّة ، وجعل أمر المختار يغلظ في كل يوم ويكثر تبعه ، فجعل يتتبع قتلة الحسين ومن أعان عليه ، فيقتلهم ، ثم بعث إبراهيم بن الأشتر في عشرين ألفا إلى عبيد الله بن زياد فقتله وبعث برأسه إلى المختار ، فعهد إليه المختار ، فجعله في جونة ، ثم بعث به إلى محمّد بن الحنفيّة ، وعلي بن الحسين وسائر بني (١) هاشم ، فلمّا رأى علي بن الحسين رأس عبيد الله ترحّم على الحسين وقال : أتي عبيد الله بن زياد برأس الحسين وهو يتغدى وأتينا برأس عبيد الله ونحن نتغدى ، ولم يبق من بني هاشم أحد إلّا قام بخطبة في الثناء على المختار ، والدعاء له ، وجميل القول فيه. وكان ابن الحنفيّة يكره أمر المختار وما يبلغه عنه ، ولا يحب كثيرا ممّا يأتي به ، وكان ابن عبّاس يقول : بثأرنا وأدرك وغمنا وآثرنا ووصلنا ، فكان يظهر الجميل فيه للعامّة ، فلما اتّسق الأمر للمختار كتب لمحمّد (٢) بن علي المهدي : من المختار ابن أبي عبيد الطالب بثأر آل محمّد ، أما بعد ، فإنّ الله لم ينتقم من قوم حتى يعذر إليهم ، وإنّ الله قد أهلك الفسقة وأشياع الفسقة ، وقد بقيت بقايا فأرجو أن يلحق آخرهم (٣) بأوّلهم.
أخبرنا أبو السعود أحمد بن علي بن المجلي ، ثنا أبو الحسين بن المهتدي الخطيب ، أنبأنا أبو الفضل محمّد بن الحسن بن المأمون ، ثنا أبو بكر محمّد بن القاسم الأنباري ، أنبأنا أبي ، أنبأنا أحمد بن عبيد ، أنبأنا الأصمعي قال : حدّثنا أن محمّد بن الحنفيّة أراد أن يقدم الكوفة أيام المختار ـ يعني ـ ليكذبه ، فقال المختار حين بلغه : إنّ في المهدي علامة يضربه رجل في السّوق ضربة بالسّيف فلا يضره ، فلمّا بلغ ذلك محمّدا أقام يعني أنه أخاف أن يجرب فيه فيموت.
رواها الخطيب عن ابن المهتدي.
أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد في كتابه ، أنبأنا أبو نعيم الحافظ (٤) ، ثنا أحمد بن محمّد بن عبد الوهّاب ، ثنا محمّد بن إسحاق ، ثنا حاتم بن الليث (٥) ، ثنا هوذة بن خليفة ، ثنا عوف الأعرابي عن ميمون ، عن وردان قال : كنت في العصابة الذين انتدبوا (٦) إلى محمّد بن
__________________
(١) بالأصل : «بنو».
(٢) غير واضحة بالأصل ، والمثبت عن د ، و «ز» ، وابن سعد.
(٣) بالأصل : أولهم بأولهم ، وفوق اللفظتين ضبتان ، والتصويب عن د ، و «ز» ، وابن سعد.
(٤) رواه أبو نعيم الحافظ في حلية الأولياء ٣ / ١٧٤.
(٥) صحفت في الحلية إلى : اللبيب.
(٦) في الحلية : ابتدروا.