قطع بعث أربعة آلاف عليهم أبو عبد الله الجدلي ، وقال أبو الحسن وجّه المختار أبا عبد الله ثم وجّه عقبة بن طارق ، فأتى أبو عبد الله بن الزبير فكلّمه في ابن الحنفيّة فقال ابن الزبير : إنّ صاحبكم الذي تنصرونه ليس هناك ، فرجعوا إلى ابن الحنفيّة فأخرجوه من الشعب ، فلم يقدر ابن الزبير على منعهم ، وحضر الموسم ، فشهد ذلك العام ثلاثة : ابن الحنفية ، ونجدة ، وابن الزبير ، وأمر ابن الحنفية أبا عبد الله بالانصراف ، وكان مقام أبي عبد الله سبعة أشهر وثمانية أيام ، فانصرف أبو عبد الله.
قال خليفة : قال أبو الحسن : لم يزل أبو عبد الله مع ابن الحنفية حتى قتل المختار.
وقال خليفة : وحدّثني أبو عبد الرّحمن عن عوانة أن أبا عبد الله لم يزل مع ابن الحنفيّة حتى قتل المختار.
قال خليفة : وقال أبو اليقظان وغيره : كان المختار يقاتل ثم يعود إلى القصر ـ يعني ـ بالكوفة حتى قتل في شهر رمضان أو في آخر شعبان سنة سبع وستين.
قرأت على أبي غالب بن البنّا ، عن أبي محمّد الجوهري ، أنبأنا أبو عمر بن حيّوية ، أنبأنا أحمد بن معروف ، ثنا الحسين بن فهم ، ثنا محمّد بن سعد (١) ، أنبأنا محمّد بن عمر ، ثنا ربيعة بن عثمان ، ومحمّد بن عبد الله بن عبيد بن عمير ، وإسحاق بن يحيى بن طلحة ، وهشام ابن عمارة ، عن سعيد بن محمّد بن جبير (٢) بن مطعم ، والحسن (٣) بن الحسن بن عطية العوفي عن أبيه ، عن جده وغيرهم أيضا قد حدّثني قالوا : لما جاء نعي معاوية بن أبي سفيان إلى المدينة كان بها يومئذ الحسين بن علي ، ومحمّد بن الحنفيّة ، وابن الزبير ، وكان ابن عبّاس بمكة ، فخرج الحسين وابن الزبير إلى مكّة ، وأقام ابن الحنفيّة بالمدينة حتى سمع بدنو جيش مسرف أيّام الحرة ، فرحل إلى مكّة فأقام مع ابن عبّاس ، فلمّا جاء نعي يزيد بن معاوية وبايع ابن الزبير لنفسه ودعا الناس إليه ، دعا ابن عبّاس ومحمّد بن الحنفيّة إلى البيعة له ، فأبيا يبايعان له ، وقالا : حتى تجتمع لك البلاد ، ويتسق لك الناس ، فأقاما على ذلك ما أقاما ، فمرة يكاشرهما ومرة يلين لهما ومرة يباديهما ، ثم غلظ عليهما فوقع بينهم كلام وشر ، فلم يزل الأمر يغلظ حتى خافا منه خوفا شديدا ، ومعهما النساء والذرية ، فأساء جوارهم وحصرهم.
__________________
(١) الطبقات الكبرى لابن سعد ٥ / ١٠٠ ونقلا عن الواقدي في سير أعلام النبلاء ٤ / ١١٧ وما بعدها.
(٢) بالأصل : حمير ، والمثبت عن د ، و «ز».
(٣) كذا بالأصل ود ، و «ز» ، وفي ابن سعد : الحسين.